إعادة الوجه الحضاري لمصر بين اليأس والرجاء

إعادة الوجه الحضاري لمصر بين اليأس والرجاء2019-12-11T14:46:32+00:00

إعادة الوجه الحضاري لمصر بين اليأس والرجاء

 دكتور عبد الباقي إبراهيم 

رئيس مركز الدراسات التخطيطية والمعمارية

وكبير خبراء الأمم المتحدة في التنمية العمرانية 

 وأستاذ التخطيط ورئيس قسم العمارة بجامعة عين شمس

 

علي مدى ثلاثة أيام وفي مبني المجمع العلمي المصري وفي جو الكتب العتيقة وبين جدران بالية وأمام أمثلة حية لتدهور البيئة بمخلفات بلدية وسط القاهرة وعلي بعد عده أمتار من مجلس الشورى ومجلس الشعب انعقدت ندوة العمارة التي نظمتها لجنة العمارة بالمجلس الأعلى للثقافة في الفترة من 22 إلي 24 ابريل 1981ودعت إليها أساتذة العمارة في الجامعات المصرية وأعضاء شعبة العمارة في نقابة المهندسين وجمعية المهندسين المعماريين المصرية وعدد من المعماريين في مصر دعتهم لمحاولة أخرى لإنقاذ وجه مصر الحضاري الذي كان مشرقا وضاء علي مر أيام التاريخ الطويل.. وكانت الموضوعات الثلاثة التي ناقشتها الندوة هي تكوين المعماري، وتنظيم المهنة، وإنشاء مجلس اعلي للعمارة وتخطيط المدن.. وأتضح من سياق البحوث التي قدمت والكلمات التي ألقيت أن أسلوب التعليم في مصر لا يزال كما هو جامدا لم يتجدد أو يتغير في منهاجه منذ ما يقرب من نصف قرن وإن إختلفت بعض محتوياته .. والتعليم المعمارى لا يزال كما كان من نصف قرن فرعا من فروع الهندسة مثله مثل الكهرباء والميكانيكا والري والمناجم والكيمياء… تتحكم في تطويره لجنة العلوم الهندسية في المجلس الأعلى للجامعات.. هذا في الوقت الذي تستقل فيه مدارس العمارة في كل أنحاء العالم في كيانات علمية مستقلة نظرا لطبيعتها الخاصة التي تجمع بين العلوم الفنية والإنسانية والتكنولوجية والبيئة… واتفق المؤتمرون علي أسلوب التطوير… كأمل من الآمال ولكن تحقيقه لا يزال بعيد المنال…

كما أتضح أيضا من سياق البحوث التي قدمت والكلمات التي ألقيت أن المهنة المعمارية تنظمها عدد من اللوائح والقوانين التي لا تنفذ أو تحترم وأن الجهات الرسمية في الدولة هي الأولي في مخالفتها وإهمالها حتى ظهرت فيها آفة الاستثناءات فانهارت وأصبحت اللوائح والقوانين حبرا علي ورق ليس هناك ما يعطي لها القوة أو الفاعلية… إن تنظيم مهنة العمارة تحكمها نقابة المهندسين التي تضم تخصصات الكهرباء والميكانيكا والري والصرف والمناجم والمحاجر… وقلة قليلة من المعماريين… ضاعت أصواتهم وتضآلت فعاليتهم وأصبحت العمارة اليوم لعبة في يد الجميع… واتفق المؤتمرون علي ضرورة إنشاء مجلس اعلي للعمارة وعلي أسلوب التنظيم الجاد للمهنة علي نمط ما يجرى في الدول المتقدمة كأمل من الآمال ولكن تحقيقيه لا يزال أيضا بعيد المنال.

وفي نهاية الندوة وضعت التوصيات كغيرها من التوصيات وخرج المؤتمرون وهم بين اليأس والرجاء.. اليأس إلا من رحمة الله.. كان أملهم في حضور السيد وزير الثقافة والأعلام وشئون رئاسة الجمهورية.. ليسمع ويرى آمالهم وآلامهم علي أساس أن العمارة هي الواجهة الحضارية للدولة قبل الرقص والموسيقي والرسم أو النحت… ولكن خاب أملهم.. في الدولة التي لا تعترف بهم حتى أن القرار الجمهوري بإنشاء المجلس الأعلى للثقافة لم يرد فيه ذكر للعمارة… في الوقت الذي يقولون فيه أن العمارة هي أم الفنون ( رحمها الله ) وعندما دب اليأس في قلوب بعض المؤتمرون قال أحدهم أن مفتاح الأمر في يد المهندس عثمان أحمد عثمان نقيب المهندسين وهو الوحيد الذي يستطيع أن يقول ويفعل في وقت واحد.. وخشي البعض من نقيب المهندسين ألا يسمح باستقطاع جزء من نقابته ليتحول إلي جهاز مستقل ينظم مهنة العمارة علي غرار ما هو قائم في كل بلاد العالم المتقدم… ومن شدة اليأس اقترح البعض ضرورة اللقاء برئيس الجمهورية ورب العائلة وإمامها وهم ليسوا أقل أهمية من الصيادين عسي أن يكون علي بابه أمل في استرجاع الوجه الحضاري لمصر… واقترح البعض أن يكون لرئيس الجمهورية مستشارين في الشئون المختلفة… ومنهم مستشار في شئون العمارة وتخطيط المدن.. عسي أن يكون فيه الأمل.. ويئس أحد المؤتمرين حتي من لقاء رئيس الجمهورية.. واقترح ألا يلجأ المؤتمرون إلي احد سواء الله سبحانه وتعالي فهو وحده مغير الأحوال… من حال إلي حال.
وانتهت الندوة التي ضمت معظم المسئولين عن العمارة وتخطيط المدن في مصر انتهت في هدوء شديد. دون أن يحس بها أحد خارج القاعة سوى الموظف الوحيد في المجمع العلمي المصري.

word
pdf