الاسماعيلية تتأهل كعاصمة إدارية

الاسماعيلية تتأهل كعاصمة إدارية2019-11-28T15:10:54+00:00

الاسماعيلية تتأهل كعاصمة إدارية

    د. عبد الباقي إبراهيم

كبير خبراء الأمم المتحدة للتنمية العمرانية سابقا

 

الاهرام الاقتصادى 16/5/1995

 

مع بداية المراحل التنفيذية لتنمية سيناء … ومع بداية سريان مياه النيل فى ترعة السلام لتغذى أراضى التعمير الجديدة شمال سيناء … ومع بداية الخطوات العملية لانشاء الجسر العابر لقناة السويس شمال مدينة الاسماعيلية

وان كان الأمر يتطلب انشاء جسر آخر عند نقطة الدفرسوار … ومع بداية الاستيطان البشرى فىالأراضى المستصلحة شرق البحيرات حيث تبدأ البذرة الأولى فى انشاء الاسماعيلية الجديدة.

ومع الدراسات الاستطلاعية التى قامت بها محافظة الاسماعيلية للتنمية السياحية شرق البحيرات .. ومع ما يتم الآن على أرض الواقع شمال سيناء وعلى الشواطىء الشمالية لخليج العقبة وعلى الساحل الشرقى لخليج السويس حيث تبدأ المستوطنات الصناعية جنوب المدينة … مع كل هذه البدايات بدأت مدينة الاسماعيلية تتأهل لتكون العاصمة الادارية لمصر … تلتقى عندها قارتا أسيا وأفريقيا وتحتضن أهم شرايين التجارة البحرية بين الشرق والغرب … وتنعم بكل المزايا المناخية والبيئية والجغرافية التى تؤهل لهذا المنصب الكبير … تحيطها الحدائق وتتخللها البحيرات وتمتد اليها الطرق الموصلة بين الشرق والغرب ولديها البنية الأساسية التى تستطيع بها أن تستقبل بدايات السكان الجدد غرب القنال ، ثم فى شرقها … ففيها جامعة قناة السويس وينتظر انشاء جامعة مانديلا أمامها على الجانب الشرقى للقناة وفيها النوادى والقرى السياحية وبها المراكز التجارية والفنادق وفى شرقها رمز العبور العظيم … وفى قلبها ذكرى ملحمة شهداء المقاومة … هكذا تبدأ المقومات الأساسية التى تؤهل الاسماعيلية لتكون العاصمة الادارية لمصر.

ويدعم هذه المقومات تواجد المطار المحلى قريبا منها حيث يمكن تطويره لاستقبال الطائرات الكبيرة التى تحمل ضيوف مصر من الشرق والغرب ، وتواجد المناطق الصحراوية التى يمكن أن تستوعب متطلبات التعمير فى العاصمة الجديدة… بالاضافة الى تواجد الاسكان المتميز فى المناطق الهادئة على طول الساحل الغربى للبحيرات الذى يقيم فيه العديد من الوزراء وكبار رجال الدولة وخبرائها وأكثر من ذلك هناك مواقع صحراوية كثيرة منها منطقة الواحة فى المدخل الجنوبى الغربى للمدينة وهى مساحة تؤهلها لأن تضم مجمع الوزارات ومبانى مجلس الشورى والشعب مع استراحات رياسة الجمهورية فى جزيرة الفرسان التى يمكن أن تستوعب عددا آخر منها لاقامة كبار الزوار للدولة ، فلا يزال للمدينة طابعها التاريخى المتميز الذى يمكن التحكم فيه وفى ما يستجد من منشآت ومبان عامة وخاصة ، وبالتدريج ومع بناء المنشآت الرئاسية فى الاسماعيلية تتحول القصور الجمهورية بالقاهرة الى معالم أثرية سياحية أو فندقية تدر عائدا على الاقتصاد القومى.

واذا كان الهدف من تنمية سيناء هو جذب الفائض السكانى من الوادى الضيق اليها ، فان العاصمة الادارية فى مدينة الاسماعيلية سوف تضاعف من قوى الجذب فى اتجاه سيناء وتقترب بالتالى سيناء من الحكومة المركزية ومن مراكز اتخاذ القرار وبالتالى سوف تجذب العاصمة الجديدة العديد من الأنشطة المالية والتجارية والادارية من القاهرة المزدحمة الى الغرب فى مراكز الحكم الجديدة ، وبالتالى تنتعش حركة الاستيطان االبشرى شرق الدلتا وتمتد بالتبعية لتعبر قناة السويس الى سيناء التى قاست طويلا من العزلة الجغرافية والبشرية الأمر الذى يتطلب سرعة اتخاذ القرار لانشاء العاصمة الجديدة التى لديها كل المقومات التى تملكها من استقبال الأفواج الأولى من الأنشطة والسكان للعاصمة الادارية ، وهذا ما سوف يكون له مردود مباشر وسريع لخفض الضغط السكانى على القاهرة الكبرى دون انتظار أو تباطؤ … وأقربها الضغط المرورى الذى يتولد عن مرور مواكب الرؤساء وكبار المسئولين والاحتياجات الأمنية التى تتخذ فى هذه المناسبات وغيرها … كما أن تواجد المطار الدولى شمال القاهرة وهو على بعد مائة كيلو متر من الاسماعيلية سوف يساعد على سرعة الانتقال الى العاصمة الادارية الجديدة دون اختراق لجسم القاهرة الذى تتحمل شرايينه أكثر مما يحتمل.

ويبقى من مسوغات التأهيل للعاصمة الادارية شروط الأمن والأمان … وهى متوافرة فى منطقة الاسماعيلية خاصة عندما يعاد تخطيطها على أساس من الكثافات المنخفضة أكثر مما هو متوافر فى مدينة القاهرة التى يختنق مركزها المالى والادارى بالمصالح والوزارات ومجلس الشورى والشعب . كما أن تحرك قادة الدولة الى العاصمة الجديدة سوف يؤدى بالتالى وبالقدوة الحسنة باقى أفراد الشعب المطحون فى المناطق المكدسة فى القاهرة المحروسة . وهنا لا بد من الاشارة الى أن الاستيطان البشرى والادارى والمالى والتجارى سوف يتحرك ليحقق أهداف التنمية العمرانية لمدينة العاشر من رمضان التى تنمو سكانيا ببطء شديد ، وهى تقع بين العاصمتين الادارية فى الاسماعيلية والمالية والتجارية والسياحية والثقافية فى القاهرة … وسوف تقام بالتالى مستوطنات بشرية جديدة بأحجام مختلفة على جانبى الطريق الصحراوى الموصل بين القاهرة والاسماعيلية ، وذلك فى اطار التخطيط العمرانى للدولة الذى تتولاه كل من وزارتى التخطيط والتعمير ، فاذا تحركت الأنشطة تحركت معها أفواج البشر … واذا كانت مدينة الاسماعيلية بمقوماتها المختلفة تتأهل لتكون عاصمة ادارية لمصر ، فان ذلك لا بد وأن يتم فى اطار من التنمية الاقليمية التى تحدد مواقع وأحجام ووظائف التجمعات السكنية فى الأقاليم التى تحيط بالمدينة ، وهذا ما قد تقوم به أجهزة التخطيط المختلفة التى تتعامل مع هذه الأقاليم سواء فى وزارة التخطيط أو وزارة التعمير أو وزارة الزراعة والرى أو فى الادارة المحلية والتى تعمل جميعها لتحقيق استراتيجية عمرانية واحدة من أولوياتها تنمية سيناء ، وسوف يكون لنقل السلطة التنفيذية للدولة الى مدينة الاسماعيلية أثره البالغ فى دفع عجلة التنمية شرق القنال من ناحية واتاحة الفرصة أمام القاهرة لأن تسترجع أنفاسها التى كادت أن تنقطع.

ويبقى القرار فى النهاية عند صاحب القرار الذى ندعو له بالتوفيق لتحقيق الصالح العام.

word
pdf