التعايش مع الأحداث

التعايش مع الأحداث2019-11-19T08:09:04+00:00

التعايـش مع الأحـداث

 

مع ماينشر من أخبار فى الصحف اليوم .. كان تعايشى الدائم مع مايرتبط بمشاكل العمارة والتخطيط والإسكان .. وفى عام 1960 بدأ التفكير فى مشروع مدينة نصر .. وكنت عضواً فى اللجنة الإستشارية التى ناقشت التخطيط المقدم للمدينة .. بل وكنت أصغر الأعضاء .. والمتحدث بإسم اللجنة ، لعدم إرتباطى الوظيفى بأى جهة تنفيذية قد تخشى الأعضاء الممثلون له من الحرج فى إبداء الرأى .. وكنت فى هذه الفترة ادعو إلى عدم تركيز المبانى الإدارية فى منطقة واحدة ، أو حى واحد .. فالوزارت المركزية ، لها منطقتها فى وسط المدينة ، ولابد من إعادة تخطيطها لتصبح مقراً للحكم والوزارت .. اما فروع هذه الوزارات ، من إدارات وخدمات ، فلابد أن توزع على مراكز الأحياء السكنية ، بنفس الصورة المتكاملة ، فى مناطق محدودة ، تتجمع فيها خدمات الحى .. وكان فى ذلك تحديد للحركة المركزية للمدينة ، وإيجاد التوازن بين أحيائها المختلفة .. وهكذا إختلفت مع تخطيط مدينة نصر .. وأنا لازلت فى أول الطريق .. مدرساً .. ونشر المقال الذى كتبته بهذا الشأن فى 25/2/1961 فى كلمات قليلة ، ولكن لأهميته .. نشره الأهرام تحت عنوان كبير جدا لا يتناسب مع حجم النص المكتوب .. اللمهم هو المحتوى على كل حال .

وتمر الأيام ، وأكتب فى موضوعات أخرى .. إلى أن تركت مصر معاراً إلى الأمم المتحدة خبيراً للتخطيط العمرانى فى الكويت فى الفترة من 1968 إلى 1970 ، عدت بعدها إلى مصر ، ثم عدت مرة اخرى للعمل بالأمم المتحدة ، كبيراً لخبراء التخطيط العمرانى فى المملكة العربية السعودية ، أشرف على مايقرب من خمسة وعشرين خبيراً فى أكبر مشروع للتخطيط العمرانى ، إضطلعت به الأمم المتحدة ، وإستمر عملى بالأمم المتحدة حتى نهاية 1979 ، وفى هذه الأثناء ، لم أتردد فى الكتابة إلى الصحف المصرية ، مشيراً إلى أخطأء المدن الجديدة ، التى أقيمت فى هذه الفترة وقامت بتخطيطها مجموعات من المكاتب الإستشارية الأجنبية … والتى كنت أشرف على مثيلاتها بالممكلة العربية السعودية .. وأنتهت بى التجربة إلى ضرورة إستقرار العمل التخطيطى فى الدولة ، دون الإعتماد على المكاتب الإستشارية الأجنبية إلا فى إطار النظم المحلية .. وبدأت هذا الفكر فى المملكة العربية السعودية.. وكان يحز فى نفسى وأن اشاهد خلاف ذلك فى مصر فى هذه الفترة من الزمان .. وقد اشرت فى مقالتى إلى الفكر الجديد الذى طبقناه فى مشروع الامم المتحدة بالمملكة العربية السعودية سواء من النواحى التصميمية التى تراعى البنية الطبيعية والثقافية او النواحى التنظيمية لإدارة العملية التخطيطة ، بهدف إستقرارها وإستمرارها .. وهكذا تقدم النظريات التى وضعناها وطبقناها خارج مصر .. إلى أصحاب الشأن فى مصر .. لتطبيقها فى مصر .. ولكن زمار الحى لا يطربها .. على رأى المثل العربى المعروف …

ولتقف الكتابة عند هذا الحد .. بل حاولنا أن ننقل إلى المسئولين بعض تجارب العالم الثالث ، فى مجال التنمية العمرانية ، لعل وعسى .. فكتبنا عن تجربة تركيا فى التعمير فى 4/8/1985 ، وكنت قبل هذا التاريخ بعامين مديراً للندوة العلمية التى نظمتها منظمة العواصم والمدن الإسلامية فى أنقرة .. وكان لمركز الدراسات التخطيطية والمعمارية الدور الرئيسى فى التحضير للندوة ، وإدارتها ، ثم طباعة أبحاثها .. وقد تأثرت كثيراً بما شاهدناه فى تركيا من تقدم عمرانى وحضارى لم يكن متوقعاً من دولة شهدت العديد من الإنقسامات الداخلية والتخلف الإقتصادى .. وقد حز فى نفسى ، أنه فى الوقت الذى تتقدم فيه دولة مثل تركيا بهذه المعدلات الكبيرة ، ارى التراجع الذى تشهده مصر عن ركب الحضارة العالمية .. ونحن بذلك نفقد تراثنا وحضارتنا .. حتى إنفض الناس من حولنا ..
ومصر عزيزة على كل مصرى .. كما هى عزيزة على كل عربى .. ومع وجودنا العريض خارج حدود مصر فى الدول العربية والمؤثرات الدولية والإسلامية .. إلا إننا نتحرك داخل مصر فى أضيق الحدود .. ومع ذلك لم نتوقف عن الكتابة ..>

word
pdf