التعليم المعمارى فى مفترق الطرق

التعليم المعمارى فى مفترق الطرق2019-11-19T08:40:31+00:00

التعليم المعمارى فى مفترق الطرق

 

دكتور عبد الباقي ابراهيم

 

كبير خبراء الأمم المتحدة في التخطيط العمراني سابقاً

 

بدأت بعض الدول العربية تلجأ إلى إنشاء الجامعات الخاصة التى تضم أقساماً للعمارة فى إطار الهندسة التى تضمها ولم تستقر أى جامعة منها على إنشاء معاهد أو كليات معمارية خاصة حيث لايزال لقب المهندس يحمل كثيراً من الأعتراف الأجتماعى الذى لم يناله المعمارى حتى الأن بسبب ضعف منظماته المهنية ، وتحاول بعض الجامعات الخاصة أن تحتمى بالجامعات الغربية لتقدير مستوى مناهجها … كما تلجأ جامعات عربية أخرى بالألتزام بأسلوب التعليم الغربى لتأكيد الأعتراف الدولى بمستواها العلمى ، وفى نفس الوقت تحاول هذه الجامعات الحكومية أو الخاصة إستقطاب الأساتذة من المعمارين العرب العاملين فى الجامعات الغربية وقد تجارب البعض منهم لهذه الدعوة للرجوع إلى الوطن العربى وذلك فى حركة لجذب الخبرات المهاجرة للعودة إلى الوطن الأم ، كما تلجأ بعض الجامعات الخاصة إلى الجامعات الحكومية للأستعانة بمناهجها العلمية وبأساتذها حتى يسهل الأعتراف بعد ذلك بمستوى الخريجين هذا فى الوقت الذى تعانى فيه بعض أقسام العمارة فى الجامعات العربية من تدنى مستوى الأداء فى العمليات التعليمية فيها.

وحيث لايزال معظمها منطوياً تحت مظلة كليات الهندسة فى الجامعات المختلفة دون أن يكون لها إستقلالية القرار فى وضع المناهج وتطويرها بإستمرار مع المتغيرات السريعة للعصر ،كما لا تزال كثيراً من أقسام العمارة تنقصها المناهج التى تعطى للمحتوى العلمى للمواد فى صورة متكاملة مع أعمال التصميم والتخطيط ، كما يزال كثير من المدارس المعمارية العربية تبنى مناهجها بهدف تخريج المعمارى المبدع المبتكر بالرغم من عدم توفير الأعداد المؤهلة الموهوبة لذلك وخلاف ما يتطلبه سوق الممارسة المعمارية من إعداد التصميمات التنفيذية أو إعداد المواصفات والكميات والشروط والعقود أو الأشراف على التنفيذ أو إعداد العطاءات والبرامج التنفيذية والتوقعات المالية أو مشروعات أو إدارة المشروعات أو مراقبة الجدوى والأختبارات وهذه جميعها تخصصات لا تعتمد على موهبة الأبتكار والأبداع التى يطلبها أساتذة العمارة فى طلباتهم الذين يدخلون الجامعات تبعاً لتقديراتهم فى الثانوية العامة وليس تبعاً لقدراتهم الأبداعية وميولهم الفنية، من هنا كانت مجموعات المواد الأختيارية الكثيرة فى الجامعات العربية التى تسعى إلى تخريج المعمارى المناسب للعمل المناسب وهذا ماينقص المناهج المعمارية فى العديد من الجامعات العربية ، ناهيك عن برامج التخطيط العمرانى التى أختطلت بمناهج الدراسات المعمارية بما فى ذلك من مواد الأقتصاد والأجتماع والجغرافيا والتحكم البيئى وإدارة التنمية العمرانية المستدامة إلى اّخر هذه المواد المتداخلة مع إختصاصيات أخرى متشبعة ، وهنا قد يزدحم عقل الطالب المعمارى بالعديد من التداخلات العلمية التكاملية فيأخذ الكثير من القشور ولا يستوعب أى مادة الأستيعاب الكامل الذى قد ينفعه فى حياته العلمية خاصة وليس هناك ما يسمى بإمتحانات ممارسة المهنة كما فى الدول الغربية ، فالطالب يخرج مسرعاً من الكلية إلى الممارسة العملية دون أن يكون مهيأ لها ، وهنا تبدأ مشاكله مع الواقع وهنا تبدأ العملية التعليمية الأساسية ويصبح ماحصل عليه فى الجامعة فى خبر كان .

 إن التعليم المعمارى يقف عند مفترق  الطرق بحثاً عن أنسب طريق لأنسب هدف خاصة بعد قيام العديد من الجامعات الخاصة التى بدأت فى إنشاء أقسام العمارة فيها ، وحتى الأن لم يقدم البديل للوضع القائم إلا من خلال بعض الأجتهادات التى لم ترى النور بسبب عدم صلاحية الجهاز الذى يتحكم فى العملية التعليمية دون أن يكون ملماً بها وهو قطاعات الهندسة فى المجلس الأعلى للجامعات التى يمثل الجانب المعمارى فيها الأقلية العظمى بلا جدل ولا قول ، وإذا كان الأمر قد وصل إلى ضرورة المشاركة الفكرية فى هذا المجال فإن الوقت قد حان للجميع أن يدلوا باّرائهم وأفكارهم إذا كان لهم من الاّراء والأفكار ما يخدم العملية التعليمية ويخدم المستقبل المعمارى فى العالم العربى الذى سوف يبنيه تلاميذ اليوم .

word
pdf