الخبرة إلاستشارية المصرية … للتصدير أيضا

الخبرة إلاستشارية المصرية … للتصدير أيضا2019-12-04T14:05:06+00:00

الخبرة إلاستشارية المصرية … للتصدير أيضا

  د. عبد الباقي إبراهيم 

الاهرام إلاقتصادى 18-11-1991 

تعتبر الخبرة إلاستشارية المصرية سلعة كغيرها من السلع تخضع لاليات السوق المحلية أو الخارجية ، كما تندرج تحت نداء صنع فى مصر الذى طرحه السيد رئيس الجمهورية بالنسبة لما تنتجه الصناعة المصرية بهدف المنافسة فى السوق الداخلية أو الخارجية . كما تخضع لكل النظم واللوائح والقوانين التى تساعد على إلارتقاء بالصناعة المحلية من ناحية الجودة والمتانة وجمال الشكل وإلالتزام بالمواصفات العالمية حتى تستطيع أن تجد لها مكانا فى السوق الدولية كما تجد لها مكانا فى السوق المحلية حتى لا يضطرالمصريون العائدون من استيراد مثيلاتها من الخارج. وإذا كان إلانتاج الصناعى المصرى يحتاج إلي مكون أجنبى بنسب مختلفة تبعا لنوعية السلعة المنتجة خاصة فيما يرتبط بمستلزمات إلانتاج من معدات وإلات وبعض العناصر المكونة للسلعة المنتجة وهنا يدخل إلاستيراد عنصرا هاما للارتقاء بمستوى إلانتاج الصناعى حتى يستطيع الدخول فى سوق التصدير إلي إلاسواق الخارجية والعربية وإلافريقية بصفة خاصة. والخبرة إلاستشارية المصرية كصناعة محلية لابد وأن تخضع لكل هذه المفاهيم حتى ترتقى بمستواها الفنى والعلمى والتنظيمى وتصبح قادرة على أن تحمل شعار صنع فى مصر … وتتنافس مع السوق إلاستشارية للدول الغربية من ناحية ودول جنوب شرق آسيا من ناحية أخرى. فإلانتاج إلاستشارى المصرى قد أصبح دون المستوى العالمى… كما لا يخضع تنظيميا وتعاقديا وفنيا للنظم والمواصفات العالمية وذلك فى ضوء التطورات التكنولوجية والفنية على المستوى العالمى والتى مازالت مصر بعيدة عن مجرياتها تنظيميا أو فنيا، إلامر الذى أدى إلي تقلص دورها فى السوق إلاستشارية سواء فى العالم العربى أو إلافريقى الذى لا يزال يتعامل مع السوق إلاستشارية الغربية أو الجنوب شرق أسيوية. فقد اعتمدت السوق إلاستشارية المصرية على رصيدها الطويل الذى اكتسبته من خبراتها المحلية فى إلاربعينيات والخمسينيات. 

واستمرت تتعامل به مع زيادة متواضعة فى قدراتها حتى أصبحت على شفا التخلف كلية عن الركب العالمى خاصة وأن المسئولين عن استيراد الخبرات إلاستشارية فى العالم العربى أو إلافريقى قد أصبح لديهم الوعى الكافى للمفاضلة والتعامل مع منجزات وتكنولوجيا العصر بسبب احتكاكهم المستمر بها عن طريق السوق إلاستشارية الغربية التى كانت تغنوها على مدى السنوات الثلاثين الماضية. وإن كانت السوق إلاستشارية المصرية قد شهدت فى الثمانينات جانبا من إلاحتكاك مع الخبرة الغربية التى وردت إلي مصر مع المعونات إلاجنبية إلا أن هذه الظاهرة قد تقلصت وعادت الخبرة المصرية إلي مكانها إلاول لم تتقدم كثيرا عنه إلا بالتعاون مع الخبرة إلاجنبية. فهناك العديد من المشروعات التى طرحت على السوق إلاستشارية المحلية واشترط أصحابها ضرورة التعامل مع المكاتب إلاستشارية إلاجنبية. وهكذا تتم عمليات إلاستيراد دون أن يكون هناك مقابل لها من التصدير وهكذا تستمر الصناعة إلاستشارية فى مصر متخلفة عن السوق الدولية ولم تحمل بعد شعار صنع فى مصر إلا فى قدر يسير من المشروعات التى تمت فى بعض من الدول العربية. 

لقد اكتسب المتخصصون المصريون قدرا كبيرا من الخبرات التخصصية من خلال أعمالهم فى المنظمات الدولية والهيئات العالمية أو فى المكاتب إلاجنبية فى الدول العربية كأفراد أثبتوا كفاءتهم العالية كعمال مهرة ولكنهم لم يستطيعوا بناء المصانع التى يستطيعون من خلالها تصديرالخبرات المتكاملة إلي السوق العالمية وذلك بسبب النقص الكبير فى التنظيمات المهنية والمعوقات الكثيرة فى اللوائح المالية التى لاتزال تعتبر الخبرة إلاستشارية كسلعة رخيصة تباع وتشترى فى السوق العام حتى ظهر كبار إلاستشاريين وهم يمارسون المناقصة لخفض أتعابهم أمام صاحب العمل حتى قبل بعضهم أدنى إلارقام التى لا يمكن معها أن يقوموا بأداء العمل على خير ما يرام أو بالمواصفات المحلية على أقل تقدير فما بالنا من موقفهم من المواصفات العالمية فى إلاداء إلاستشارى الذى بعدوا عنه بعدا كبيرا. وهكذا هبط مستوى إلانتاج إلاستشارى المصرى وفقدت مصر أسواقا واسعة فى العالم العربى وفى أفريقيا والصناعة إلاستشارية كأى صناعة يصعب تصدير انتاجها إلا من خلال الكيانات الكبيرة ذات التكنولوجيا المتقدمة كما أن الكيانات إلاستشارية الصغيرة يصعب عليها تصدير انتاجها إلا من خلال منظمات أكبر تجمعها. من هذا المنطلق يمكن تطوير وتنظيم الكيانات إلاستشارية المصرية وذلك باعتبارها مراكز انتاج للتصدير.إلامر الذى يستوجب توفير المكون إلاجنبي الذى يعمل على ربطها بالتطورات التكنولوجية والتنظيمات العالمية سواء كان ذلك بإسلوب مباشر أو غير مباشر. 

وبهذا المفهوم تتحد أدوار الجهات المعنية للوصول إلي هذا الهدف بدءا من المنظمات المهنية التى لابد لها من أن تعيد تقديرها للموقف وتضع اللوائح والتنظيمات التى تضمن إلارتقاء بأداء المكاتب إلاستشارية حتى ولو استقدمت خبراء لها من أقصى الغرب أو الشرق الأقصى خاصة وأن الجامعات المصرية لم تعد قادرة على توفير كل الكوادر المناسبة للأعمال إلاستشارية. ثم تقوم بعد ذلك بدور فعال فى سبيل إلالتزام بتطبيق لوائحها وقوانينها على القطاعات العامة أو الخاصة وتعد لذلك الندوات والمؤتمرات لتستخلص منها كل إلاراء الموضوعية والتطبيقية التى تعاونها على الوصول إلي أهدافها إذا خلصت النية وتصارحت النفوس وتكشفت الحقائق بحلوها ومرها. فلم يعد هناك مكان للمجاملة أو المهادنة فهذه قضية قومية لا تهدف فقط إلي توسعة دائرة تصدير الخبرات إلاستشارية إلي الخارج ومنافسة أسواقه ولكن أيضا لإيجاد عمل له قيمة عالية لمئات إلالاف من العاطلين من مختلف المهن إلاستشارية. وهنا يجدر على المنظمات المهنية أن تضع البرامج التدريبية وإلاعلامية للارتقاء بمستوى أداء الكوادر المختلفة التى تعمل فى إطار المكاتب إلاستشارية حتى ولو اضطرت هذه المنظمات إلي إلاستعانة باستيراد الخبرات الملائمة من الخارج وهنا يكون للمكون إلاجنبي جدواه إلاقتصادية. 

وعلى جانب آخر لابد وأنتسعى الهيئات والمؤسسات الرسمية من أن تعيد تقديرها للموقف وتضع اللوائح والتنظيمات التى تضمن بها الحصول على أعلى مستوى من الأداء إلاستشارى لمشروعاتها حتى ولو استعانت بذلك بالخبرة الأجنبية المستوردة ليس فقط بهدف الحصول على أعلى مستوى من إلانتاج إلاستشارى لمشروعاتها ولكن أيضا لإتاحة الفرصة أمام المكاتب إلاستشارية لترتقى بمستواها المهنى والتنظيمى ويكون لها مرجعا يؤهلها للتنافس فى السوق الدولية فليس من المغالاة القول بأن المكاتب إلاستشارية فى السوق العربية أقل كثيرا مما يتصور البعض بالرغم من الرغبة فى تفضيلها على غيرها من المكاتب الأاجنبية إذا ما قدمت نفسها ومؤهلاتها وتنظيمها شكلا وموضوعا بالإسلوب الذى يبعث على احترامها أمام منافسيها من المكاتب الأجنبية وليس من المغإلاة القول بأن المكاتب إلاستشارية المحلية لا تزال فى حاجة إلي استيراد المكون الأجنبي الذى يعمل معها وفى داخلها حتى يمكن ربطها بالحركة إلاستشارية العالمية. وهناك مثلا من المكاتب إلاستشارية العربية التى تعمل بهذا المنطق التنظيمى، الأمر الذى فتح أمامها آفاقا واسعة من النشاط إلاستشارى فى العالمين العربى والأفريقى حتى جاء يعمل فى قلب القاهرة مستثمرا الخبرات المصرية الأرخص للقيام بأعماله إلاستشارية التى يتولاها فى الخارج. فالمردود إلاقتصادى لهذا المكتب إلاستشارى لا يتعدى المرتبات الكبيرة المنافسة محليا التى يدفعها إلي موظفيه المصريين فلا ضرائب أو تأمينات أو إعادة استثمار لمدخرات. 

وعلى الجانب الثالث من الصورة يتحدد دور المكاتب إلاستشارية فى القيام بإعادة تقدير موقفها فى ضوء السوق إلاستشارية العربية وإلافريقية وتعمل على إعادة تنظيم نفسها مع الإستعانة بالخبرة الأجنبية التى تساعد على الإرتقاء بمستوى أدائها حتى تستوعب الدرس وترقى إلي مستوى المكاتب الأجنبية مستعملة فى ذلك كل وسائل العرض والتسويق التى تستعملها المكاتب إلاستشارية الأجنبية. وتستطيع المكاتب إلاستشارية المصرية بعد ذلك أن تتعاون فيما بينها فى تنظيم الدورات التدريبية التى تساعد على الإرتقاء بمستوى الأداء حتى ولو استقدمت لذلك الخبرات الأجنبية بين وقت وآخر بشكل تعاونى تخف فيه الأعباء المالية المترتبة على استيراد هذه الخبرات خاصة وأن الجامعات المصرية لم تعد قادرة على توفير كل الخامات المهنية اللازمة للانتاج إلاستشارى. 

ودور الدولة هنا يمتد إلي توفير التسهيلات إلائتمانية  للمكاتب إلاستشارية لاستيراد الأجهزة والتجهيزات التى تساعد على الإرتقاء بمستوى أدائها كما يمكن أن تعفيها من الرسوم الجمركية على هذه الأجهزة أو التجهيزات ومساعدتها على إعادة بناء نفسها من جديد ثم تقوم الدولة بعد ذلك بتقويم هذه المكاتب وتصنيفها وإلاعلان عنها بالإسلوب الذى تتبعه الدولة المنافسة بالنسبة للمكاتب إلاستشارية فيها حتى تتأكد من ملائمة شعار صنع فى مصر للانتاج إلاستشارى المحلى. وإذا كان لدى مصر العديد من المقومات السياحية والصناعية والزراعية فلديها أيضا المقومات إلاستشارية فهى تمتلك ثروة طائلة من المواد الخام من الخبرات والتخصصات التى ينقصها إعادة البناء والتنظيم والإرتقاء بمستوى الأداء حتى يمكن أن تنافس الأسواق الخارجية، فلنسهل لها عمليات استيراد المكون إلاجنبي اللازم لبنائها ولنساعدها بعد ذلك على تصدير منتجاتها إلي السوق الخارجية بمعاونة الملحقين إلاستشاريين الذين بعثوا لهذا الهدف فى سفاراتنا بالخارج على غرار الملحقين التجاريين، فأمام مصر مجإلات واسعة الحدود لتصدير الخبرات إلاستشارية إلي السوق العربية وإلافريقية.

word
pdf