الخريطة الاستثمارية … أم خريطة التنمية القومية

الخريطة الاستثمارية … أم خريطة التنمية القومية2019-11-07T11:08:37+00:00

                                      الخريطة الاستثمارية … أم خريطة التنمية القومية

                                         دكتور / عبد الباقي إبراهيم

                            كبير خبراء التنمية العمرانية بالأمم المتحدة سابقاً

 

 

منذ ان طرحت فكرة الخريطة الاستثمارية والمتخصصون يتساءلون عن أهدافها. وهل هي معدة فقط لخدمة المستثمرين المحليين والأجانب أم أنها فقط لتوجيه كل الاستثمارات التي ينفذها القطاع العام والخاص على الأرض في إطار البعد المكاني للخطط الخمسية المتتالية. فمن المعروف أن الهيئة العامة للتخطيط العمراني بوزارة الإسكان كانت قد أعدت خريطة للتنمية العمرانية على المستوى القومي لتوجيه أعمال التعمير على محاور التنمية خارج الوادي الضيق ، وذلك في ضوء الدراسات السكانية والسياحية والصناعية والزراعية والمائية والجوليجية والبيئية والانارة والنقل والمواصلات في محاولة لتحديد صورة مصر عام 2020م . وعلى الجانب الآخر قام مشروع الأمم المتحدة بوزارة التخطيط بوضع التخطيط الإقليمي لكل من سيناء وجنوب الوادي وشماله والدلتا والساحل الشمالي محدداً إقامة التنمية في كل إقليم تخطيطي مع تحديد حجم الاستثمارات التي تتطلبها الخطط الخمسية المتتالية في كل إقليم حتى عام 2018م على أساس المراجعة المستمرة لهذه الخطط كل خمس سنوات وفي موقع آخر يعد الخبراء في القوات المسلحة مع الأجهزة السابقة الخريطة الاستثمارية التي تم عرض مراحلها المختلفة على مجلس الوزراء مضيفة إلى ما سبق إعداده في وزارة الإسكان ووزارة التخطيط الاستراتيجية المكانية للدفاع التي يحذر فيها أي نوع من أنواع التنمية إلا ما يخص القوات المسلحة ولا يزال العمل مستمراً في إعداد هذه الخريطة على المستوى القومي والإقليمي والمحلي حتى تعرف كل وزارة قطاعية أين استثماراتها في صورة برامج متكاملة بهدف الخروج من 4 % من ارض مصر وتعمير الأرض خارج الــوادي الضيق ليصبح المأهول السكــاني 20 % من مساحة مصر ويعني ذلك إعــداد خريطة للتنمية القوميــة وفي هذا الصدد صرح السيد الدكتور / كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء إلى الأستاذ / إبراهيم نافع على صفحات الأهرام يوم 20/9/1996م عندما قال ان الخريطة الاستثمارية هي دليل جغرافي وتشريعي وإجرائي للمستخدم المحلي والأجنبي يوفر علية نصف الطريق إلى اتخاذ قرار الاستثمار . فلا يكفي أن تدعو للاستثمار في بلادنا بحماس وطني وإنما ينبغي أن يكون لدينا دليل عمل جاهز نقدمه للمستثمر على أعلى درجات الشفافية . والخريطة الاستثمارية تقوم بذلك على نحو مشجع للاستثمار ومن البديهي أن الخريطة الاستثمارية سوف يعرض فور الانتهاء ومنها عرضاً موسعاً على رجال الأعمال في مصر والخارج فهي أعدت في المقام الأول من أجل ذلك . وقد استبعدنا منها جميع ما يتعلق بالآثار والبيئة وكان الهدف هو التوفيق بين الوزارات المعنية التي دخلت‎ فيها على أن يأتي تسكين المشروعات عليها عن طريق الوزير المختص الذي يعرض على مجلس الوزراء قائمة المشروعات من الدوافع المخصصة له وطبقنا هذا على مستوى 26 محافظة في إطار الخريطة الخاصة لمحافظته كأنها أرض قديمة موجودة بها دون الرجوع إلى أحد . وهنا ينتهي تصريح رئيس الوزراء -الأمر الذي يؤكد أن الخريطة الاستثمارية تعد من أجل رجال الأعمال والمستثمر المحلي والأجنبي والوزارات التي لها برامج استثمارية خاصة في مجال الصناعة السياحية والزراعية والطرق والوصلات . وهي بطبيعتها برامج تدخل في إطار برامج التنمية القومية بالإضافة إلى مشروعات الإسكان والصحة والتعليم والشئون الاجتماعية التي لا بد وأن يكون لها مواقعها على الخريطة حتى تتكامل مع المشروعات التي يقوم بها المستثمرون ورجال الأعمال . حتى يطلعون على المحيط العمراني لمواقع الاستثمار المختلفة . ولذلك فإن الخريطة الاستثمارية وإن كانت تحبط المستثمر علماً بالمواقع واللوائح والقوانين والإجراءات فهو لا بد أيضاً ان يحاط علماً بما سوف تقوم به الدولة من مشروعات خدمية أو اقتصادية في مواقع الاستثمار المختلفة والخريطة بهذا المفهوم المتكامل قد تسمى خريطة التنمية القومية .

 

ان إعداد الخريطة الاستثمارية في حد ذاته يعتبر بداية تتكامل معها خرائط أخرى لقطاعات أخرى من قطاعات التنمية . كما أنها خطوة كبيرة من خطوات الانفتاح الاقتصادي وتحريك كل أجهزة الدولة لبناء مصر المستقبل الأمر الذي يتطلب إقامة إدارة خاصة بهذه الخريطة ترصد كل ما يطرأ عليها من متغيرات وتعيد حسابات التكامل والتنسيق بين المشروعات من حين لآخر وتتابع ما يجري على الخرائط الأخرى التي تعد لمختلف قطاعات التنمية القومية ولتكن هذه الإدارة التي تحرك الخريطة الاستثمارية هي أحد أجهزة الجهاز المركزي للتخطيط . والخريطة الاستثمارية من ناحية أخرى تحقق أمل الخبراء الذين لبثوا يدعون إلى هذا العمل على صفحات الجرائد والمجلات تحت عنوان ( كيف نضع خريطة لمصر المستقبل ) ” الأهرام 7/7/1982م ” أو عنوان البعد المكاني في الخطة الخمسية الثانية والقرار الصعب ” الأهرام الاقتصادي 30/12/1985م ” أو عنوان ( حتى تتكامل المشروعات في إطار خطط التنمية ” الأهرام 2/6/1982م “، إن الجهود الضخمة التي تقوم بها وزارة الدكتور / الجنزوري تبعث الأمل والاطمئنان لمستقبل أفضل وإن كان ينقصها الاعلام المناسب حتى تشارك كل الجماهير فى الأداء ويتضح دور الإنسان في التنمية ـ خلال البرامج التلفزيونية التي تصل كل مستويات المجتمع فطالماً تصدر القرارات والتوجيهات وتعد الخرائط والمخططات دون أن يتم عرضها على المواطنين من خلال أجهزة الأعلام المرئية ويوفى برامج خاصة و إن ثـقافه المجتمع جزء لا يتجزأ من عملية التنمية فكثيراً ما تصدر القرارات التي تثير العديد من التساؤلات دون أن يقوم أحد بالتفسير والإيضاح للتساؤلات المختلفة وإن كان حديث الدكتور / الجنزوري مع الأستاذ / إبراهيم نافع يضع كثيراً من النقاط على كثير من الحروف بالنسبة لسياسة الوزارة الجديدة إلا أن هناك كثير من النقاط يحتاج إلى كثير من الإيضاح. إن سكان الوادي الضيق لا بد وأن يستشعرون أن تواجدهم وتكاثرهم في هذه الرقعة الصغيرة من الأرض ليس من صالحهم وصالح أولادهم وأن هناك آفاق تنتج في مناطق التعمير الجديدة وأن هناك عوامل جذب كثيرة تهيئها الدولة لمن ينزح من الوادي إلى المجتمعات الجديدة المتمثلة في التجمعات السكنية الجديدة أو في القرى الإنتاجية أو الزراعية التي تدور في فلكها مع فرص الاستثمار الصناعي والزراعي والسياحي في المناطق الجديدة . إن خريطة الاستثمار وما يدعمها ويتكامل معها من خرائط أخرى تحتاج إلى الآليات التي تضمن لها الاستقرار والاستمرار مع الأجهزة التي تتابعها وتعلن عنها للمستثمر والمستفيد على سواء إنها مفتاح الأمل في مستقبل أفضل .

word
pdf