الطابع المعمارى بين الثقافة والتعمير والاعلامالأخبار 17/7/1989 ثم يتجهون تارة الى وزارة التعمير فيقابلون بكل ترحاب واهتمام وحماس واتخاذ القرارات التنفيذية الفورية لتشكيل اللجان والأجهزة التى تتعامل مع مشكلة الطابع المعمارى بهدف تطبيقه على ما يبنى أو يقام فى مصر من منشآت. هذا فى الوقت الذى تصدر فيه الوزارة أوامرها العاجلة والمشددة لسرعة بناء الالاف من عمارات الاسكان الاقتصادى التى لا تعدو أن تمثل قوالب طوب مرصوصة فى صفوف متوازيه لا تعبر عمارتها عن أى طابع، ولا يعبر تخطيطها عن أى قيم ، ويبقى موضوع الطابع معلقا بين النظرية والتطبيق فلا هو استقر كنظرية يمكن تطبيقها ولا وجد مكانا له على أرض الواقع … وللقطاع العام أجهزته المعمارية التى يمكنها أن تنهج هذا المنهج ومع ذلك فلا تزال بالرغم عما يصدر عنها من فلسفات ونظريات بعيدة كل البعد عن تحقيق هذا الهدف وهو ايجاد طابع عام تتميز به العمارة المصرية. والعمارة ليست مثل غيرها من الفنون التشكيلية أو الموسيقية أو المسرحية يبدعها فنان واحد منطلق لاتحده أية قيود مادية أو اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية أو تنظيمية أو قانونية أو سياسية كالتى تحد العمل المعمارى ، لذلك فان العمارة كمنتج فنى تعبر بصدق عن فن المجتمع بأسره فى الوقت الذى تعبر فيه الصورة أو قطعة النحت عن فن الفنان الفرد. وهنا تبرز أهمية الفن المعمارى فى بناء الشخصية المصرية فهو الفن الذى يراه كل الناس بكل مستوياتهم الثقافية والاقتصادية والاجتماعية يتعايشون معه فى الخارج ويعيشون فيه فى الداخل وهو الغلاف الثقافى الذى يحيطهم كل الوقت ، فهو ليس فن المعارض والصالونات أو فن الخاصة من الناس . ومع ذلك لا يلقى الاهتمام المناسب من الدولة لا فى اطار الثقافة أو فى اطار التعمير ، وبالتبعية لا يلقى هذا الفن الاهتمام المناسب من أجهزة الاعلام المقروءة أو المرئية ، واذا كانت هناك صفحات أسبوعية لفنون السينما والمسرح والموسيقى فلا يوجد أى عمود فى أى مجلة أو جريدة يعنى بفن العمارة أسبوعيا أو شهريا أو سنويا. واذا كانت هناك برامج تليفزيونية عن الفنون التشكيلية والسينما والمسرح والموسيقى فليس هناك أى برنامج عن فن العمارة اللهم الا اذا تدخلت الصدف لابراز هذا الفن خلال بضع دقائق على الشاشة الصغيرة !. وهناك منظمة المدن العربية التى ترصد الجوائز المعمارية الكبيرة للعمارة العربية التى تبرز الطابع المعمارى الاسلامى ، وللمدينة العربية التى تحافظ على التراث المعمارى ، وللمعمارى العربى الذى يلتزم فى بحوثه العلمية وانجازاته المعمارية بالقيم الاسلامية… وهناك منظمة ” الاغاخان ” للعمارة الاسلامية التى تمنح أيضا الجوائز المعمارية للاعمال المعمارية التى تعبر عن الطابع المعمارى الاسلامى وسوف تقيم مهرجانها المعمارى فى قلعة صلاح الدين فى اكتوبر القادم لتحتفل فيه بتقديم هذه الجوائز للفائزين بها من المعماريين من كل أنحاء العالم ويصاحب ذلك برنامج ثقافى معمارى يتحدث فيه كبار المعماريين فى العالم. ومن هؤلاء الملك الحسن الذى أمر بتوثيق الفنون والعمارة الاسلامية فى المغرب توثيقا علميا أصبح مرجعا عالميا. وبعد كل ذلك يظل الطابع المعمارى فى مصر معلقا بين الثقافة والتعمير والاعلام فى صورة شعارات وتمنيات لا تجد من ينقلها الى أرض الواقع . وعندما تظهر هذه الرغبة عند المسئولين يتسابق اليهم المتسلقون ممن أهدروا كل القيم المعمارية فى ممارساتهم المهنية يدعون أهليتهم للعطاء ، ويقف المفكرون من المعماريين مكتوفى الأيدى أمام ما يجرى حولهم دون حراك . خاصة وأن مصر مدعوة لانشاء نماذج معمارية تمثل الطابع المعمارى المصرى كغيرها من الدول المدعوه لانشاء نماذج معمارية تمثل طابع كل منها فى مناطق التعمير فى جنوب العراق … وهذه لفتة حضارية أخرى من الرئيس صدام حسين تعبر عن اهتمامه ورعايته للعمارة العربية المعاصرة نرجو أن تمتد آثارها فى أرجاء العالم العربى. فى أحد أركان مصر وفى هدوء تام دون ضجة أو اعلام أصدر المجلس التنفيذى لمحافظة الاسماعيلية قـــــرارا هاما بتشكيل ” لجنة الطابع ” ينحصر عملها فى التوجيه الفنى ومراجعة التصميمات المعمارية المقدمة مع طلبات تراخيص البناء للمبانى العامة والخاصة التى تنشأ فى المواقع الهامة والرئيسية من المدينة ، وذلك لضمان التزامها بالطابع المتميز للمدينة الذى سيصدر له دليل عمل خاص بحيث لا تصدر تراخيص البناء لهذه المبانى الا بعد موافقة لجنة الطابع على تصميماتها المعمارية. هذا هو الطريق وهذا هو المثل لكل المدن فى مصر … الذى يجب أن تسانده الثقافة والتعمير والاعلام. |
الطابع المعمارى بين الثقافة والتعمير والاعلامcpas2019-12-08T13:24:43+00:00