الكتابة فى الإسكان

الكتابة فى الإسكان2019-11-18T12:13:51+00:00

الكتابــة فى الإسكــان

 

 

بدأت كتاباتى فى مجال الإسكان منذ وقت مبكر ، حيث نشر أول مقال فى هذا الموضوع فى 22 فبراير 1961 ، وكنت لا أزال فى مقتبل العمل الجامعى .. ويسرد هذا المقال مجموعة من الأسس والسياسات العامة .. ومنها تجنب إنشاء المدن ( العالة ) ، التى تبنى عالة على غيرها ، مثل مدينة نصر أو غيرها .. ولا بد من إنشاء تجمعات سكنية ، مكتفية ذاتياً ، تتكامل فيها أماكن العمل والخدمات .. كان هذا عام 1961 .. وأتى عام 1985 ، أتعجب وكأننى أكتب كلاماً فى الهواء .. لم يسمع صداه إلا فى نهاية السبعينات .. وفى يناير 1962 ظهر لى مقال تحت عنوان كبير – نحو خطة إسكانية جديدة فى القرية والمدينة – تابعت فيها موضوع الإسكان الحضرى والريفى .. وأشرت إلى أن الإسكان التعاونى يجب ألا يقتصر على بناء الوحدات السكنية فقط ولكن لابد أن يبنى الاسكان التعاونى على أساس المشاركة فى الخدمات التجارية والثقافية .. وهذا نفس ماورد عن هذا الموضوع فى آخر مقال لى عام 1985 ، عن البعد المكانى فى الخطة الخمسية الثانية .. وكأن التاريخ يعيد نفسه بعد 23 سنة .. ويتساءل الإنسان .. لمن تكتب إذن ؟ للرأى العام .. أم للمسئولين أصحاب القرار ..

وتطور الجدل حول مشكلة الإسكان ، على مدى ربع قرن من الزمان .. والمشكلة لا تزال كما هى .. فلم تتمكن نتائج الدراسات أو المؤتمرات والندوات من نقل توصياتها إلى برامج تنفيذية ، فى إطار الخطط القومية التى فقدت البعد المكانى طوال هذه الفترة .. وكانت النتيجة ماأصاب مدن وقرى مصر من شلل تام فى حركتها التنموية .. فى عام 1984 تعرضت مشكلة الإسكان للدراسة من قبل العديد من الهيئات العامة ، والمؤسسات البحثية والعلمية .. ومنها جامعة عين شمس ، التى طلب منها وضع دراسة عامة عن الإسكان فى مصر .. هكذا دون وضع برنامج عمل يحدد دور كل قسم أو كلية فى هذا الشأن ، وتوفير كافة البيانات العامة عن المشكلة ، الأمر الذى لا يقوى عليه إلا الجهاز االمركزى للتخطيط … ومع ذلك بدأت اللجنة الخاصة المشكلة من بعض أساتذة أقسام الإجتماع والإقتصاد والعمارة والهندسة والإدارة فى وضع تقريرها بهذا الشأن .. وأنتهى التقرير إلى إدراج الجهات التشريعية والتنفيذية .. دون متابعة أو تقويم .. وكان لى موقف فى اللجنة الخاصة التى شكلت بكلية الهندسة .. فالمشكلة أكبر من طاقة الأساتذة .. وطاقة الأقسام منفردة أو مجتمعة .. فكتبت مقالاً فى 5/7/1984 أوضحت فيه المعادلات الصعبة التى سوف تواجهها هذه اللجنة ..
حتى نتعرف على ابعاد العملية وطبيعتها ، التى تخرج من نطاق الدراسات أو البحوث النوعية التى يمكن للجامعات وأجهزة البحوث أن تقوم بها ، لتصب نتائجها فى البرامج التنفيذية لمشروعات الإسكان .. أما السياسة العامة للإسكان فى إطار التنمية القومية ، فهذا من إختصاص الجهاز التخطيطى والتنظيم السياسى معاً .. وإنتهى الحديث عند هذا الحد ..

ومع تعدد الجهات التى أسهمت فى دراسات المشكلة الإسكانية .. كان لابد من وقفة لفك الإشتباك بين هذه الجهات .. فكتبت مقالاً فى الأهرام الإقتصادى عام 1984 ، بعنوان – توزيع الأدوار لحل مشكلة الإسكان – أشرت فيه إلى ان مشكلة الإسكان تعرضت لجوانب التشخيص والتحليل كما تعرضت لكل الإقتراحات والآراء والتوصيات ، ويبقى إتخاذ القرار.. وإتخاذ القرار لا يتم إلا فى ضوء توزيع الأدوار والمسئوليات بالإسلوب العلمى ، الذى يضمن نجاح المعركة المتعددة الجوانب والتخصصات .. ومع ذلك لم تتحرك الأمور .. وكأننا ندور فى حلقة مفرغة ، لا نستطيع الخروج منها إلى العمل التنفيذى والإنجاز الحقيقى .. وتكرر شرح المشكلة من زاوية أخرى فى يوليه 1984 ، تحت عنوان ” هموم السكان والإسكان ” .. ومع ذلك لم تتحرك الأمور .. وكأننا نسمع من يقول عن مشكلة الإسكان .. ليس فى الإمكان أحسن مماكان .. ومع ذلك لم أتوقف عن الكتابة .. إلى الرأى العام .. أو إلى أصحاب القرار .. أو إلى نفسى ، وهذا أضعف الإيمان .

word
pdf