المؤسسة العامة لإيواء المحتاجين.. مكون أساسى فى سياسة الإسكان

المؤسسة العامة لإيواء المحتاجين.. مكون أساسى فى سياسة الإسكان2019-11-26T12:19:35+00:00

المؤسسة العامة لإيواء المحتاجين.. مكون أساسى فى سياسة الإسكان

   د. عبد الباقى إبراهيم

الأهرام الإقتصادى 14 يوليو 1997 العدد 1488

 

 

إستمرت مشكلة مناطق الإسكان العشوائى والهامشى فى مصر فترة طويلة من الزمن حتى تضخمت مشاكلها العمرانية والإجتماعية والبيئية والأمنية. الأمر الذى بدأت الدولة فى معالجته فى أوائل عام 1994 حيث وضعت الدراسات الخاصة بمصر هذه المناطق والتعايش معها من خلال برامج تنفيذية تهدف إلى توفير الخدمات والمرافق العامة فى هذه المناطق، دون المساس بالبنية الفوقية المتمثلة فيما أقيم من مبانى ومنشآت عشوائية، أو دون مواجهة إستفحال المشكلة وإمتداداتها مستقبلاً. حيث أن ظاهرة النمو العشوائى لازالت قائمة وإن قل معدلها. كما إستمر أساس المشكلة المتمثل فى إيواء المحتاجين دون مساس. فلا تزال كثير من المناطق يحتلها إسكان العشش الأمر الذى يشوه الوجه الحضاري للمدينة المصرية.

وهكذا قام المحتاجون ببناء مساكنهم بأنفسهم دون تدخل أجهزة الدولة فى التخطيط أوالتصميم أو البناء أو في توفير الخدمات والمرافق الأساسية لإعاشتهم. وإذا كان البعض من هؤلاء قد وفر لنفسه المأوى الذى يناسبه فإن آخرين منهم أقاموا وحدات سكنية بهدف التأجير للمحتاجين من معدومى أومحدودى الدخل. وهكذا أصبحت العلاقة بين المالك والمستأجر فى هذه المناطق العشوائية خاضعه لآليات هذا السوق من العقارات وتوازن حجم التمليك بحجم التأجير فى هذه المناطق. وإذا كان الخطر يتمثل فى بناء هذه العشوائيات في المناطق الصحراوية المتاخمة للمدن القائمة، فالأكثر خطراً يتمثل فى بناء هذه العشوائيات فى المناطق الزراعية التى تتآكل يوم بعد يوم، بالرغم من القوانين واللوائح التى وضعت للحد من هذه الظاهرة. وذلك راجع إلى عدم وجود البديل المناسب بالإضافة إلى ضعف الإمكانيات التنفيذية والمالية عند الأجهزة المحلية.

 إن الجانب الإيجابي للإسكان العشوائي ليس فقط في كونه قد ساعد على حل جزء كبير من مشكلة إيواء المحتاجين حيث أنه يحتل حوالى 30% من مساحات المدن القائمة. ولكن فى كونه دليلاًعلى قدرة المجتمع فى البناء بالجهود الذاتية وتوفير إحتياجاته من الخدمات والمرافق العامة بنفسه دون تدخل السلطات المحلية. الأمر الذى يمكن إستثماره فى إقامه آليات جديدة مرادفة للآليات الحالية تعمل بنفس المنهج ولكن بطريقة مخططة ومنظمة بعيداً عن تدخل السلطات المحلية فى عملية التنمية العمرانية، اللهم إلا بتوفير الأراضى الصالحة دون مقابل مع توفير المرافق العامة عند بدايات التعمير. ويتم ذلك من خلال مؤسسة عامة لإيواء المحتاجين من الفئات الإجتماعية المختلفة بما فيهم الشباب الذى لا يستطيع توفير مقدمات النماذج التى توفرها الدولة.

وتقوم المؤسسة بأداء نشاطها فى المدن والقرى والمناطق العمرانية الجديدة من خلال جمعيات أهلية محلية تتولى الأداء على مستوى المجموعات السكنية أوالقرى الإنتاجية وبنفس النظم والمناهج والأساليب التى تضعها المؤسسة، الخاصة بإعداد التخطيطات أوالتصميمات أوتوفير الوحدات الإنشائية فى البناء أو في توفير الإيواء المؤقت للمستفيدين أومشاركتهم فى البناء بعدد محدد من الساعات وبدفع مقدمات متواضعة لإثبات الجدية فى الأداء. ويتم ذلك من خلال الدراسات الإجتماعية التى تحدد الأعداد والمستويات الإجتماعية للفئات المستهدفة ومراكز عملهم حتى يمكن ربط السكن بالعمل. أو بتوفير فرص العمل لمن لاعمل له مع فرص الإيواء لمن لا مأوى لهم. وذلك فى منظومة تنموية تهدف إلى الإرتقاء بالمستوى الإجتماعى للفئات المستهدفة وتأهيلهم إجتماعياً وثقافياً مع تأهيلهم حرفياً أوعملياً لفرص أكبر للعمل، ثم تأهيلهم سكنياً فى مساكنهم الجديدة. فقد ثبت أن هناك نظم إنشاء وبناء عديدة تصلح لهذه النوعية من توفير الإيواء لمن لا مأوى لهم تم عرضها وتنفيذها وتنوعها فى العديد من دول العالم الثالث والتى يمكن الأخذ بمنهاجها فى ضوء الإمكانات المحلية المتاحة بيئياً واجتماعيا.

 وتقوم المؤسسة بتوفير الأراضي الصالحة للتنمية المتكاملة إجتماعياً ومهنياً وعمرانياً ومدها بالمرافق والخدمات العامة، مع توفير الأجهزة والآلات البسيطة لإنتاج العناصر الإنشائية والبنائية وتدريب العاملين عليها ومراقبة أعمال الجمعيات الأهلية المحلية فى أسلوب الأداء والإنتاج ومتابعة وتقديم المشروعات الإرشادية للإستفادة بها فى تطوير أساليب التنمية ونظم المؤسسة بالتعاون مع الأجهزة المحلية من جهة وأجهزة التخطيط العمرانى من جهة أخرى وذلك فى إطار توجيهات ومبادىء الإستراتيجية القومية للتنمية والتعمير.ويمكن تمويل نشاط المؤسسة والجمعيات الأهلية من موارد أموال الزكاة أومن القروض الميسرة من بنك ناصر أومن الصندوق الإجتماعى أومن المساعدات الدولية والمحلية. وتصبح المؤسسة أحد الأجهزة التابعة لوزارة التعمير والمجتمعات العمرانية الجديدة. و يشكل لها مجلس إدارة خاص يضم إلى عضويته مندوبين من وزارة الشئون الإجتماعية والتأمينات ووزارة الحكم المحلى والصندوق الإجتماعى وبنك ناصر، أوغيرهم من أصحاب الخبرة. و يوضع للمؤسسة نظام مالى خاص كهيئة عامة. وتنشأ لها فروع فى المحافظات والمدن الكبرى وفى مناطق التعمير الجديدة.

word
pdf