المبنى الجديد لمجلس الشعب فى إطار المركز الحضارى للدولة

المبنى الجديد لمجلس الشعب فى إطار المركز الحضارى للدولة2019-12-02T09:27:43+00:00

 الأهرام الإقتصادى

1 ديسمبر 1993

أرسلت نسخة للأستاذ / عصام رفعت

المبنى الجديد لمجلس الشعب …. فى إطار المركز الحضارى للدولة

دكتور عبد الباقي ابراهيم

      كبير خبراء الأمم المتحدة في التخطيط العمراني سابقاً

 

شهد السيد الرئيس حسنى مبارك نموذجاً للمبنى الجديد لمجلس الشعب قبل إلقاءه خطابه التاريخى لمجلسى الشعب والشورى… كما شهد أيضاً نموذجا لفندق ضيافة النواب بحى جاردن سيتى.. ويستدل من ذلك أن هناك إتجاه بناء قاعة جديدة لمجلس الشعب فى نفس المنطقة المركزية الأمر الذى يتم فى غياب التخطيط التفصيلى لمنطقة الوزارت التى تكتظ بالمبانى الحكومية و ما يتولد عنها من حركة مرورية كثيفة الامر الذى يؤكد عدم ملائمة هذه المنطقة المركزية لمزيد من المبانى وإن تكن فى حاجة إلى نقل بعض المبانى المركزية منها إلى مواقع أخرى جديدة  وهذا ما يؤكد ضروروة البحث عن موقع مناسب لإنشاء مركز حضارى للدولة يضم مبانى مجلس الشعب والشورى ورئاسة الوزراء ورئاسة الجهورية ، يتحقق له الأمن والأمان بعيداً عن الزحام المرورى الشديد فى المنطقة المركزية للقاهرة ، من هذا المنطلق كان إعداد هذا الإقتراح وعرضه على السيد رئيس الجمهورية الذى أحاله مكتبه بالتالى إلى السيد محافظ القاهرة فى بداية عام 1989 لدراسته وإبداء الرأى فيه حيث أبدى السيد المحافظ حينئذ تأييده للهدف من هذا المشروع وإن كانت الخطوات اللازمة لوضع البرنامج المعمارى لهذا المشروع الكبير لم تتم بعد كعمل تطوعى من مصمم المشروع ، إلا أن مناسبة تجدد هذا الإقتراح قد ظهرت فى الوقت الحاضر للتخطيط للمشروع الجديد حتى تدخل به مصر القرن الواحد والعشرين على أن يتيح إستثمار المبانى والقصور الحاليه سياحياً وثقافياً أسوة بما تم فى عدد كبير من دول العالم .

إن الإنجازات التاريخية على مر العصور تقاس بما تتركه الدولة من معالم حضارية وعمرانية تبقى على مر الزمان شاهداً على العصر ، وقد مرت عواصم مصر بعدة مراحل تاريخية تركت اّثارها العمرانية دليلاً على قدرة الإنسان المصرى على العمل والبناء ، فقد بنى عمرو بن العاص بعد الفتح الإسلامى مقر حكمه ومسجده فى مدينة الفسطاط ، وبنى أحمد بن طولون بعد ذلك مقر حكمه ومسجده فى مدينة القطائع ثم بنى الفاطميون مقر حكمهم وجامع الحاكم فى القاهرة الفاطمية ، ثم جاء صلاح الدين وشيد قلعته الشامخة التى أقام فيها محمد على بعد ذلك مسجده التركى الطابع ، ثم دخلت القاهرة مرحلة من التغريب الحضارى والعمرانى عندما أقيمت فيها مجموعة من القصور الملكية التى أستمدت ملامحها المعمارية من عمارة الغرب ، ففقدت العاصمة المصرية بذلك شخصيتها الحضارية وتباعدت مكونات المركز الحضارى للدولة فى مناطق متفرقة فى المدينة .

ولما كانت مدينة نصر تعتبر الإمتداد العمرانى لمدينة القاهرة منذ الستينات حيث تضمنت مجموعات من المعالم العمرانية التى تعبر عن الحقبة التاريخية الحاضرة يتوسطها النصب التذكارى للشهداء ، وتضم مدينة نصر أيضاً قاعة المؤتمرات الدولية والمدينة الرياضية وسوق القاهرة الدولية ومبانى الجهاز المركزى للتخطيط والجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء والجهاز المركزى للمحاسبات ، مما أكسبها أهمية خاصة تجعل منها عاصمة العصر الحديث  ومن هذا المنطلق كان لابد من تطوير هذه المنطقة لتستوعب المركز الحضارى الجديد للدولة شاملاً مقر رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس الشعب ومجلس الشورى ، بالإضافة إلى مسجد الدولة ، وسكن خاص برئيس الجمهورية ، ومجموعة من دور الضيافة ، ويهدف هذه المشروع إلى اعادة تشكيل الصورة الحضارية لمدينة القاهرة التى تشتت فيها مبانى الحكم الامر الذى يزيد من  أعباء الحركة والمرور والنقل والأنتظار والأمن والحراسة .

ويقع مشروع المركز الحضارى للدولة المقترح  على طريق النصر ويلتف حول النصب التذكارى وساحة العرض الوطنى ، وذلك فى مجموعة معمارية تعبر عمارتها عن مصر المستقبل بجذورها الحضارية والتراثية.

وقد تم توزيع عناصر المشروع وظيفياً على جانبى ساحة العروض الوطنية بحيث يقع على الناحية الشمالية من الساحة مقر مجلس الشعب ومجلس الشورى ، ليكونا على إتصال مباشر  أما الجهة الأخرى – الجنوبية – فتضم قصر رئاسة الجمهورية مطلاً على ساحة القصر الجمهورى ، ومقر مجلس الوزراء ، وقاعة إجتماعات الرئاسة ، ومسجد الدولة على أرض جامعة الأزهر الشريف بحيث يفتح مباشرة على طريق النصر ويتصل مباشرة بالقصر الجمهورى ومجلس الوزراء ، كما يضم الموقع أيضاً مبنى الحرس الجمهورى ، والسكن الخاص برئيس الجمهورية الذى يتصل مباشرة بمبنى رئاسة الجمهورية ، كما تتيح طبيعة الموقع إنشاء منطقة خضراء على الهضبة المتاخمة للموقع تنتشر فيها دور الضيافة بحيث تكون قريبة من القصر الجمهورى ، وتتمتع بالمناظر والخضرة على هذه الهضبة .

وإذا كان للمشروع المقترح أبعاده الأقتصادية الهامة بجانب جوانبه التخطيطية والمعمارية فإن البرنامج التنفيذى لهذا المشروع التاريخى الكبير يجعل منه علامة حضارية متميزة فى بداية عام 2000 ، لابد وأن يتم من خلال دراسة للجدوى الأقتصادية التى تستطلع إمكانية إستثمار القصور التى أنشئت فى العهود السابقة فى مصر ( عابدين ، القبة ، هليوبوليس ) إستثماراً سياحياً ثقافياً أسوة بكل دول العالم المتحضر بحيث يوجه العائد منها إلى بناء هذا المشروع التاريخى الكبير ، الأمر الذى يتطلب إعداد الدراسات التخطيطية والمعمارية الأولية له لتكون أساساً لدراسة الجدوى والتى فى ضوئها يمكن إتخاذ القرار المناسب للمشروع .

word
pdf