الهيئة العامة لإسكان الشباب .. أمل الشباب

الهيئة العامة لإسكان الشباب .. أمل الشباب2019-11-26T12:30:09+00:00

الهيئة العامة لإسكان الشباب .. أمل الشباب

 

     دكتور / عبد الباقي إبراهيم 

أستاذ التخطيط العمراني ورئيس قسم العمارة بجامعة عين شمس ” سابقا “

       كبير خبراء الأمم المتحدة ” سابقا “

 

أبدى السيد الرئيس حسني مبارك رئيس الجمهورية في خطابه الأخير أمام الاجتماع المشترك بين مجلسي الشعب والشورى اهتماماً كبيراً بشباب مصر حيث أكد سيادته على قضية مشاركة الشباب في صنع مستقبل الوطن كما طالب بتوفير رعاية أشمل لهذه القوة الحيوية التي تزيد على نصف سكان مصر الأمر الذي كان سبباً في إنشاء وزارة متخصصة للشباب لتهتم بمستقبل هذه الأجيال الواعدة التي ينبغي أن تتوفر لها كل الإمكانيات التي تتيح لها أن تكون أكثر تواصلاً مع عصر جديد. وقد طالب السيد الرئيس الحكومة الجديدة أن تقتحم مشكلة إسكان الشباب بكل قوة وذلك بإنجاز برنامج شامل تتعاون فيه الدولة مع البنوك والمؤسسات الأهلية والأفراد القادرين كي تغطي الاحتياجات الملحة للشباب مع تحمل الدولة مسئولية تقديم الأراضي الصالحة والمزودة بالمرافق كما تساعد على تطوير مؤسسات التمويل التي تقدم للشباب قروضاً ميسرة للإسكان وإضافة مؤسسات متخصصة لهذا الهدف كما ذكره السيد رئيس الجمهورية في خطابه – وتأكيداً لهذا التوجه فان الأمر يتطلب دمج قضية مشاركة الشباب في صنع المستقبل مع قضية توفير الإسكان والاحتياجات الملحة للشباب في قالب واحد تتكامل فيه فرص العمل مع فرص السكن في مجتمعات عمرانية جديدة للشباب في ضوء الإستراتيجية القومية للاستيطان خارج الوادي الضيق التي أشار إليها السيد الرئيس حسني مبارك في خطابه الذي ألقاه في 9 يناير 1997عند افتتاح مشروع الدلتا الجديدة في منطقة توشكى. فالشباب هو الأقدر على بناء مصر الجديدة خارج الوادي الذي ضاق بما فيه من بشر ومشروعات وخدمات ومرافق. لقد آن الوقت لأن يخرج الشباب من مدن وقرى الوادي الضيق إلى آفاق عمرانية جديدة مع الأخذ في الاعتبار الأسس التالية:

1-توفير الإسكان للشباب العامل قريباً من مواقع أعمالهم بقدر الإمكان.

2-توفير الإسكان وفرص العمل معاً لمن لا عمل لهم وذلك في تجمعات عمرانية إنتاجية جديدة يساهم في بنائها الصندوق الاجتماعي وبنك ناصر والجهود الذاتية للشباب العاطل.

3-توفير الإسكان للقادرين ومتوسطي الحال والفقراء من الشباب مع المشاركة بالمال للقادرين وبالجهود الذاتية للفقراء وبكليهما لمتوسطي الحال.

4-توفير الإسكان والخدمات الاجتماعية والثقافية والرياضية بأقل التكاليف مما يتطلب أساليب جديدة للإنشاء يتوفر فيها سهولة البناء بالجهود الذاتية والاستغناء عن أعمال البياض الداخلي والخارجي وعمل التركيبات الأساسية بطريقة اعملها بنفسك وعمل التركيبات الإضافية كلما توفرت لها المدخرات المناسبة مع الإقلال بقدر الإمكان من دور شركات المقاولات.

5-توفير الإسكان في مدن الشباب الجديدة هو السبيل إلى بناء مجتمعات شبابية يشارك فيها الشباب في بناء مصر المستقبل على أرض جديدة بعيداً عن التزاحم الذي تعاني منه مدن وقرى الوادي بما فيها من مشاكل سكنية وبيئية وخدمية وأمنية وصحية. والشباب هو أقدر الفئات على الحركة والهجرة من الوادي الضيق الذي يضيق بهم وبغيرهم من شباب مصر.

6-توفير الإسكان في مدن الشباب الجديدة يستوجب وجود آليات تخطيطية وتنفيذية وإدارية ومالية قادرة على البناء والتعمير الأمر الذي يستوجب إنشاء هيئة عامة تتولى رعاية هؤلاء الشباب وإسكانهم وتوفير فرص العمل المناسبة لهم في الصناعات الصغيرة والحرفية والخدمية وذلك بإنشاء مراكز للبناء بالجهود الذاتية التي تتوفر فيها مواد وتجهيزات البناء كما تقدم فيها المساعدات الفنية والتدريبية لأساليب البناء الجديدة كما هو في العديد من دول العالم النامي.

7-توفير الإسكان للشباب يتضمن توفير الجمال العمراني المعبر عن الوظيفية بواقعية وإنسانية وليس بالتشكيلات والألوان المفتعلة. وجمال العمران يكمن في تصميم الفراغات والمساحات البينية التي يتحرك فيها الإنسان وينتقل من فراغ إلى آخر دون ملل الصفوف.

وفي وزارة الإسكان مذكرة أعددتها للهيكل التنظيمي واختصاصات ما سميناه بالمؤسسة العامة لإيواء المحتاجين التي تقوم بتوفير الأراضي المرفقة والمناسبة لإسكان الشباب القادر والمحتاج في مدن الشباب الجديدة وتعاونهم على إنشاء فيما بينهم جمعيات أهلية محلية للبناء والتعمير تعمل بنظام التكامل ، والتكامل بين أعضاءها ليس فقط في توفير الوحدات السكنية ولكن قبل ذلك بالتأهيل الاجتماعي والثقافي ثم بالتدريب على البناء بالجهود الذاتية ثم بناء المساكن ثم فتح مجالات لتوفير فرص العمل في الصناعات الصغيرة والحرفية والخدمية وهذه المؤسسة أو الهيئة العامة تصبح بذلك الجهة الرسمية التي تتعامل معها الجمعيات الأهلية كجمعية المستقبل التي يرأسها الأستاذ جمال مبارك أو الجمعية المركزية لإيواء المحتاجين أو جمعيات التنمية المحلية في المناطق العمرانية المختلفة. وتصبح هذه المؤسسة أو الهيئة العامة لإسكان الشباب هي الجهة الرسمية المسئولة عن بناء المجتمعات الشبابية الجديدة – على غرار الهيئة العامة للأبنية التعليمية المسئولة عن بناء المدارس في مصر.

أن إسكان الشباب هو جزء لا يتجزأ من السياسة العامة للإسكان والسياسة العامة للإسكان هي جزء لا يتجزأ من السياسة العامة للاستيطان خارج الوادي الأمر الذي يستدعي إعادة الصيغة التنفيذية والإدارية والتمويلية مع الجدوى الاقتصادية للمشروعات العمرانية بما يحقق أهداف الإستراتيجية القومية للاستيطان خارج الوادي بما فيها من مشروعات لاستيطان الشباب – وهنا تصبح الدعوة إلى عقد مؤتمر قومي لمستقبل العمران في مصر ضرورة ملحة لا تقل أهمية عن المؤتمر القومي الاقتصادي أو المؤتمر القومي الاجتماعي فالعمران هو الحصيلة التي تتجسد فيها نتائج الإصلاح الاقتصادي والتنمية الاجتماعية.

وهناك رغبة قوية في أن يستجيب السيد رئيس الجمهورية لهذه الدعوة إلى عقد مؤتمر مستقبل مصر العمراني يشارك فيه جميع الخبراء والمتخصصون من ذوي العلاقة من مخططين وعمرانيين واجتماعيين واقتصاديين ليتدارسوا فيما بينهم رسم سياسة الإسكان والتعمير في القرن الواحد والعشرين مع ما تتطلبه من آليات وقوانين ولوائح إدارية وتنظيمية تساعد على تحقيق الهدف الذي نادى به السيد رئيس الجمهورية عام 1997 وهو تنفيذ الإستراتيجية القومية للاستيطان خارج الوادي الضيق الذي ضاق بمن فيه من تزاحم البشر والعمران وهو ما يكاد أن يقضي على كل إنجازات الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي.

word
pdf