تطوير إدارة التنمية السياحية ضرورة ملحة

تطوير إدارة التنمية السياحية ضرورة ملحة2019-11-24T11:18:18+00:00

تطوير إدارة التنمية السياحية ضرورة ملحة

 

دكتور عبد الباقي إبراهيم

 

رئيس مركز الدراسات التخطيطية والمعمارية

 

وكبير خبراء الأمم المتحدة في التنمية العمرانية

 

وأستاذ التخطيط ورئيس قسم العمارة بجامعة عين شمس سابقا

 

 

مع المجهودات الكبيرة التي تبذل في قطاع السياحة, ومع التطوير السريع الذي شهده هذا القطاع في ظل قانون الاستثمار الجديد, ومع النشاط المكثف الذي يبذله السيد وزير السياحة بعقليته الاقتصادية المتميزة التي تفرق بين مفهوم التنمية السياحية التي تضيف إلي الاقتصاد القومي و بين الإسكان السياحي الذي يجمد المدخرات ويعطل برامج الإسكان العام, ومع كل ذلك فإن إدارة التنمية السياحية لم تتطور حتى تلتقي بطموحات الوزير، فالتخطيط السياحي لا يزال يتأرجح بين أجهزة الدولة تارة في وزارة التعمير وتارة في وزارة السياحة وتارة في دواوين المحافظات، الأمر الذي يحد من جذب المستثمرين سواء من الداخل أو من الخارج, وملكية الأرض لا تزال تتداولها جهات متعددة, ويقف بعض المستثمرين في انتظار استلام المواقع التي اختاروها لمشروعاتهم, فالاشتباكات الروتينية والإجرائية لا تزال قائمة بين صغار الموظفين في أجهزة الدولة المختلفة والتنمية السياحة بطبيعتها تضعف في مثل هذه الأجواء, وعلي جانب آخر تفتقر إدارة التنمية السياحية إلي الأجهزة القادرة علي التعامل مع التطورات والمتغيرات التي تطرأ علي سوق السياحة علي المستويات المحلية والعربية والدولية, أو الأجهزة القادرة علي الانطلاق للترويج والتسويق السياحي بالمرونة والحرية الكافية, والأجهزة القادرة علي التلبية الفورية لرغبات المستثمرين وتوفير البيانات والخدمات الأساسية وتقديم الدراسات البيئية والقانونية والاستثمارية, أو الأجهزة القادرة علي متابعة بناء المشروعات السياحية حتى تضمن لها المستوى العالي من البناء والتشييد والتجهيز والإدارة والصيانة في ضوء اللوائح والقوانين المنظمة لعملية التنمية السياحية تخطيطيا ومعماري.

إن الارتقاء بإدارة التنمية السياحية ضرورة ملحة في عصر المتغيرات العالمية والتقلبات التسويقية، فتخطيط المناطق السياحية والذي يلقي كل الاهتمام حاليا ليس إلا عنصرا من عناصر التنمية وهي عملية ديناميكية تتعامل مع ديناميكية السوق السياحية بما في ذلك من متغيرات اقتصادية وما تتطلبه من مواجهات عمرانية وقانونية لا تخضع إلي القوالب الجامدة التي تحد من حرية الحركة والتعامل مع الواقع المتغير، الأمر الذي يستدعي إعطاء موضوع الارتقاء بإدارة التنمية السياحية الأهمية الأولي حتى تستطيع القيام بأعباء التخطيط والتعمير والاستثمار والمتابعة تبعا لمتغيرات السوق السياحية ومتطلباتها, والحوار حول المدخل إلي التنمية السياحية لا يزال يدور حول العربة أو الحصان وبأيهما نبدأ.. فالدولة تدعو المستثمرين إلي المجال السياحي, والمستثمرون يحتاجون إلي دراسات ما قبل الاستثمار للمشروعات السياحية, والأجهزة لا تستطيع أن تقوم بهذه الدراسات لأنها ليس لديها الدراسات الكافية عن التسويق السياحي، ومع ذلك فهي تحتاج إلي قاعدة تخطيطية حتى تجذب بها المستثمرين. والتخطيط يضم المشروعات السياحية كما يضم الخدمات والمرافق المساندة, والدولة لا تستطيع توفير هذه الخدمات أو المرافق إلا بعد الاتفاق المبدئي علي الاستثمار, والمستثمر يحتاج إلي البنية الأساسية لمشروعاته, وكلها حلقات متداخلة ومتلاحقة تدور حول نفسها وهذه طبيعة عملية التنمية السياحية التي تحتاج إلي مفهوم جديد لإدارتها والتعامل مع كل هذه الحلقات المتداخلة والمتلاحقة… فالحرية والمرونة هنا أساس لهذه الإدارة الأمر الذي تحد منه الكثير من اللوائح والقوانين.

أن تطوير إدارة التنمية السياحية هو المدخل إلي التنمية والتخطيط السياحي.

 

word
pdf