تطوير نظام الحكم المحلي لدعم التنمية القومية

تطوير نظام الحكم المحلي لدعم التنمية القومية2019-11-24T13:35:54+00:00

تطـور نظـام الحكم المحلـى لدعم التنمية القومية

 

تحويل الأقاليم التخطيطية إلى محافظات أقل عدد أو أكثر فعالية

 

للدكتور عبد الباقى إبراهيم

 

رئيس مركز الدراسات التخطيطية والمعمارية

 

الحكم المحلى بنظامه الحالى لا يعدو أن يكون تطويراً لنظام المديريات الذى كان معمول به قبل الستينات.. ونظام المديريات قبل ذلك للتحكم فى نظم الرى وجباية الضرائب والحصر السكانى وتوزيع الخدمات التعليمية والصحية .. وكان يعتمد فى الأساس على نظام الأمن الداخلى حين قسمت الدولة إلى مديريات يرأس كل مديرية ضابط شرطة أقل رتبة .وهكذا جاء النظام الجديد للحكم المحلى ليقيم المدير ويحل محله المحافظ ممثلاً لرئيس الجمهورية ويحكم عمله مجلس محلى من ممثلى الشعب كبرلمان مصغر .. ويتضمن جهاز المحافظة مديريات للخدمات مثل الإسكان والمرافق والصحة والتعليم والتأمينات الإجتماعية والطرق ومديريات للإنتاج مثل الزراعة والصناعة إن وجدت ، وهى مديريات تنفيذية ولا يوجد فى جهاز المحافظة جهاز للتخطيط المحلى للمحافظة .. وذلك لأن وزارة التخطيط المركزية قد قسمت الدولة إلى تسع أقاليم تخطيطية يضم كل منها مجموعة من المحافظات وعينت فى كل إقليم وكيلاً للوزارة لشئون التخطيط الإقليمى ولا يعرف حتى الآن بالتحديد دور أجهزة التخطيط الإقليمى التى لم تستكمل مقوماتها الفنية وهياكلها التنظيمية والإدارية ، وهنا تصبح عملية التنمية القومية مركزية فى المقام الأول مع مباشرة هامشية على المستوى المحلى ، فقد قسمت الدولة إلى عدد من الأقاليم التخطيطية فى وقت ظهرت فيه الدعوة إلى ضرورة قيام التخطيط الإقليمى كهمزة وصل من التخطيط القومى والتخطيط المحلى .. هذا فى الوقت الذى لم يكن هناك تخطيطاً محلياً على مستوى المحافظات ومافيها من مدن وقرى .. وجاء قرار تقسيم الدولة إلى أقاليم تخطيطية لها كياناتها الجغرافية والإقتصادية والإجتماعية من وجهة نظر خبراء وزارة التخطيط التى عارضها خبراء ومستشارى وزراة التعمير .. وتداخلت المفاهيم كما تداخلت الأقاليم ، وأصبح الحكم المحلى شكلاً لا موضوعية فيه إلا تنفيذ القرارات المركزية التى تحدد حجم الإستثمارات ومجالات التنمية لكل محافظة عن طريق ممثل وزارة التخطيط فى الإقليم التخطيطى .

من ذلك تصبح الأقاليم التخطيطية كيانات جغرافية أكثر منها كيانات للتنمية الإقليمية .. هذا فى الوقت الذى لا يمكن قيام أقاليم تخيطيطية فى الدول النامية وتشرع إقليمياً وتنفذ إقليمياً وذلك فى إطار الإستراتيجية القومية بجوانبها الثلاثة المتكاملة إقتصادياً إجتماعياً وعمرانياً ، فقد ظل الجانب العمرانى منفصلاً عن الجوانب الإقتصادية والإجتماعية طوال المرحلة الماضية الأمر الذى أضعف قدرة الخطط القومية إقتصادياً وإجتماعياً فقد على تحقيق الإستراتيجية العمرانية للدولة وتسبب ذلك فى معظم المشاكل القائمة فى مصر بسبب زيادة الضغط السكانى فى الرقعة السكانية المحدودة فى الوادى الضيق .. وحتى المدن الجديدة التى أقامتها وزرة التعمير فهى لا تزال تمثل كيانات منعزلة لا تدخل فى إطار الإستراتيجية القومية المتكاملة إقتصادياً وإجتماعياً وعمرانياً .

وتنتهى النتيجة إلى ضعف الحكم المحلى بصورته القائمة وذلك بسبب ضعف أجهزته التى لم تستكمل مقوماتها الإدارية والتنظيمية بعد كل هذه السنين الطويلة ، والصورة حالياً لا تبشر بخير إذا ماإستمر نظام الحكم المحلى بهذه الصورة الشكلية ، وإذا كانت الدولة قد إرتضت التقسيمات التى وضعتها وزارة التخطيط للأقاليم التخطيطية فى مصر .. مع مايعترض ذلك من نقد من قبل خبراء وزراة التعمير ..فإنه ليس من الصعب إعادة النظر فى هذه التقسيمات لتفى بكافة أغراض التنمية إقتصادياً وإجتماعياً وعمرانياً ولكن المهم بعد ذلك أن تصبح هذه الأقاليم التخطيطية أقاليم إدارية أيضاً وإلا فقدت صلاحيتها كما تفقد الآن ، ولن يتأتى ذلك إلا عن طريق تطبيق نظام الحكم المحلى على مستوى الأقاليم التخطيطية فى شكل محافظات لها مجالسها التشريعية المحلية وأجهزتها التخطيطية وأجهزتها التنفيذية فى شكل وزارات محلية مثل الشئون القروية والبلدية أو التموين والأمن والتعليم والصحة والزراعة أو غيرها .. وتقل المحافظات من 26 محافظة غير مكتملة التنظيم والفعالية إلى 9 محافظات متكاملة التنظيم والقدرة على تخطيط التنمية الإقليمية وإدارة مشروعاتها وتعود التقسيمات الإدارية الحالية إلى نظام البلديات والمجالس القروية .

بهذه الصورة يمكن تحقيق الإستراتيجية العمرانية لتفريغ الضغط السكانى عن الوادى الضيق وهو ما يمكن أن يظهر فى نشاط التنمية الحضرية أو الريفية … فلا تتعجل الوزارة الحالية فى إتخاذ قرارتها التنظيمية او التشريعية لمعالجة المشكل الآتية دون أن تنزل إلى أعماق المشاكل وجذورها وبذلك يصبح تحديد الحيز العمرانى للمدينة أو القرية إجراء مؤقت لا يمكن أن يستمر العمل به لأكثر من خمس سنوات على اكثر تقدير وإلا إضطرت الحكومات التالية إلى إعادة تحديد الحيز العمرانى للمدينة أو القرية ليغطى نطاق أوسع وتكون النتيجة تأجيل وقوع البلاء وليس إستأصاله .

بهذا المفهوم الجديد تتغير العديد من التنظيمات السائدة التى تتم على المستوى المركزى .. مثل ذلك مشكلة اليوم .. وهو التسيق لدخول الكليات والمعاهد .. ففى الوضع الجديد المقترح يمكن أن يتم هذا التنسيق على مستوى الأقليم التخطيطى فتتحدد لكل إقليم جامعاته ومعاهده ومدارسة التى تناسب طبيعته .. وبهذا المفهوم الجديد تصبح القاهرة الكبرى كأقليم تخطيطى إقليما إدارياً وأيضاً كمحافظة واحدة لها مشاكلها المشتركة فى المرافق والنقل والإسكان والطرق والمرور وهنا تظهر واقعية التخطيط والإدارة والتنفيذ ، وقس على ذلك العديد من التنظيمات والتشريعات .. فبهذا المفهوم فقط يمكن أن تقتحم الأجهزة المحلية فى صورتها الجديدة مشاكل الإسكان بكل أبعادها التخطيطية والتشريعية والتنظيمية والفنية وذلك فى إطار الإستراتيجة العمرانية للدولة التى تهدف إلى توزيع السكان على أكبر مسطح ممكن من الأرض وذلك فى إطار الإستراتيجية العمرانية للدولة التى تهدف إلى توزيع السكان على أكبر مسطح ممكن من الأرض وذلك بتوفير عوامل الجذب فى الأراضى الجديدة مع توفير عوامل الطرد فى الأراضى القائمة حتى تحقق الإستراتيجية العمرانية أهدافها بواقعية بعيداً عن الضغوط السياسية المحلية التى تولدت القرارات العفوية ….
واللـه المـوفـــق ،،،،

word
pdf