تفريغ القاهرة الحل الوحيد للعشوائية

تفريغ القاهرة الحل الوحيد للعشوائية2019-12-02T09:21:29+00:00

 تفريغ القاهرة الحل الوحيد للعشوائية

      د. عبد الباقى إبراهيم
        الخبير الدولى فى التخطيط العمرانى

       (حوار الجمهورية الأسبوعى)

الجمهورية 17/6/1993

حظيت مشاكل التخطيط العمرانى والمناطق العشوائية، بأقصى الإهتمام من جانب حوار “الجمهورية” الأسبوعى ….

فقد خصصنا أكثر من حوار مع كبار المسئولين للنقاش حول هذه المشاكل الهامة، وكان هناك ما يشبه الإتفاق على أن مشاكل الأحياء العشوائية ستحل بالنهوض بها وتوفير الخدمات للمواطنين الذين يقيمون بها..

لكننا نقدم اليوم رأيا مختلفاً يتبناه الدكتور المهندس عبد الباقى إبراهيم رئيس مركز الدراسات التخطيطية والمعمارية وأستاذ التخطيط العمرانى بجامعة عين شمس، وكبير خبراء الأمم المتحدة سابقاً فى التخطيط العمرانى ..

وهذا الرأى يستند إلى أن إمداد الأحياء العشوائية بالمرافق، سيساعد على تكريسها وإمتدادها ولن يقضى على الظواهر الإجتماعية الخطيرة التى نشكو من أثارها وفى مقدمتها تفشى الجريمة والإرهاب ..

وقد نختلف أو نتفق مع الآراء التى طرحها الدكتور عبد الباقى على مائدة الحوار، لكننا فى كل الأحوال لا نستطيع أن نتجاهلها لأنها صادرة عن أستاذ صاحب نظريات عالمية فى تخطيط المدن .

  • n الجمهورية : لقد إشتركت فى تخطيط مدن جديدة.. هل إشتركت فى إعادة تخطيط مدن قائمة ؟
  • n الدكتور عبد الباقى: لم أشترك فى إعادة تخطيط مدن قائمة.. وقد قمنا فى السعودية بتخطيط المدن الجديدة .. وفى مصر لم نشارك للأسف فى تخطيط المدن، وقد عرضنا على أجهزة التعمير فى مصر تطبيق الأسلوب الذى طبقناه فى السعودية ، ويعتمد على 3 محاور، وهى تنظيم أجهزة التخطيط المحلى، وإعداد دلائل أعمال لكيفية تناول الموضوعات المختلفة.. وقد قمنا بإعداد 12 دليل عمل للتعامل مع المناطق العشوائية والمناطق الريفية وكيفية تخطيط المدينة الصغيرة والمدينة الكبيرة وتجميع المعلومات وتحليلها.

أما المحور الثالث فهو خاص بتدريب المحليات على دلائل الأعمال، وقد قمنا بتدريب 350 مهندساً من المحليات.. وكانت النتيجة صفراً لأنه لم يتم الإستفادة من هؤلاء المهندسين، وتم إبعادهم عن الإدارات التخطيطية .

                                        

نظرية جديدة

  • n لقد شاركتم فى تخطيط أحد التجمعات السكنية حول القاهرة … فما هى نتائج هذه المشاركة ؟
  • n الدكتور عبد الباقى : هذا صحيح.. وإن كنا قد رفضنا المشاركة فى البداية فى إقامة هذه المدينة الجديدة، وقد أثار رفضنا العديد من التساؤلات.. كيف ترفض عملية بكل هذه الضخامة ؟ وكان ردى أننا أصحاب فكر ولسنا تجار..

وهذا الفكر ينحصر فى أن إقامة مدينة جديدة حول القاهرة.. لابد أن يكون فى مكان صالح لإستقبال الفائض السكأنى من العاصمة، وعملية إرسال، وقد تم توقيع العقد بعد موافقة الوزارة على تنفيذ نظريتنا الجديدة فى تخطيط المدن ، وهى نظرية جديدة على المستوى العالمى، فى تنمية المدن الجديدة.

  • n الجمهورية : ما هى ملامح هذه النظرية الجديدة؟
  • n الدكتور عبد الباقى : هى لا تعتمد على المخطط العام وهو مفهوم تقليدى أنتهى من العالم كله، وأصبح البديل هو إدارة تنمية المدينة.. فقد طبق مفهوم المخطط العام على المدن المصرية منذ عام 1958، وهو يصور شكل المدينة بعد 20 سنة على أساس أن هذا المخطط العام يلزم الجهات المسئولة عن البناء والتنمية العمرانية داخل هذه المدينة، وقد ثبت من الممارسة صعوبة تشكيل صورة مدينة بعد 20 سنة نظراً للعديد من المتغيرات التى تتعرض لها المدينة، سواء كانت سياسية أو إقتصادية أو إجتماعية ولذلك ألغى هذا المفهوم، وحل محله التخطيط الهيكلى، وهو مجرد إقامة خطوط عامة إرشادية تتعامل مع أى متغيرات.

النمو خطوة خطوة

  • n الجمهورية : ما هو الجديد الذى أضفته إلى هذا المفهوم السائد فى النظريات الغربية ؟
  • n الدكتور عبد الباقى : ما أضفته خاص بوضع نظام إدارى وتنظيمى يتعامل مع المدينة الجديدة منذ أن تكون بذرة إلى أن تنبت… وتنمو.. وتثمر ثم تستثمر، وهذه المراحل تختلف بطبيعتها، وتحتاج إلى نوعية خاصة من الإدارة للتعامل مع كل مرحلة، فالبداية تحتاج إلى عناية كبيرة ثم تصبح روتينية وبعد أن تنمو المدينة، وهذا الفكر لا يتعامل مع الأرض والمبأنى والمرافق وحدها وأنما يتعامل مع البشر، منذ أن تكون فكرة المدينة بذرة عمرأنية وبؤرة سكأنية ثم تبدأ عمليات التسويق والترغيب والعناية بالمستوطنين الجدد، وتنمو الخدمات مع النمو السكانى… فالمدرسة التى تخدم 5 آلاف نسمة فى المدينة الجديدة، من الصعب إقامتها بالكفاءة الكاملة لأن فى ذلك إهدار للموارد الموجهة لبناء المدرسة بحجمها الكامل، ولكنها تقام على مراحل فصلين ثم أربعة… وهكذا… إذن عملية النمو العضوى للمبأنى الخدمية والسكنية والطرق والشوارع تتم بصورة متكاملة، وهذه النظرية الجديدة مستقاة من الواقع المصرى، وبإستعراضنا لنظريات التخطيط فى الغرب، نجد أنها نبتت وتطورت من واقع الثقافة الغربية والمجتمعات الغربية ، أى من واقع الخصائص البيئية لهذه الدول، ونحن لا يمكن أن ننقل هذه التجارب من مجتمعات أخرى تختلف عنا تماما، لذلك كان لابد من البحث عن نظرية تنبع من الواقع المصرى وتعتمد على التجارب التى مرت بها العمارة المصرية، وهى تؤكد عدة حقائق :

 

خمس قواعد تخطيطية

  • n أولها… أن المجتمع المصرى يستطيع أن يبنى تجمعاته السكنية بنفسه ولنفسه، والدليل المناطق العشوائية التى أقيمت بالجهود الذاتية، وما ينقصها هو الآليات التى تنظم هذه العملية التنموية.
  • n ثانيا … ضرورة التوازن بين التنمية الإقتصادية والتنمية الإجتماعية، وقد إفتقدنا هذا التوازن فى المدن الجديدة، فمثلا فى مدينة 10 رمضان لا يوجد هذا التوازن، فالتنمية الإقتصادية سريعة جداً أما التنمية السكانية فهى بطيئة.
  • n العامل الثالث هو ضرورة توفر الإدارة القوية المنظمة، وهذا ما أستخدم فى مصر الجديدة فى عهد البارون امبان.
  • n لاحظنا أيضا أن المدينة العربية تنمو على طول محاور الحركة، وعندما تمتد هذه المحاور تنتشر الأنشطة التجارية، كما حدث فى طريق الإسكندرية الصحراوى.
  • n أما القاعدة الخامسة التى أقمنا عليها نظريتنا فقد تم استنباطها من تجربة مدينة نصر، التى تم تخطيطها وفق الأسلوب التقليدى المستورد من الخارج، وتم تقسيمها إلى مجموعة من المجاورات السكنية، بحيث يحيط كل منطقة طريق رئيسى لحركة المرور السريع، وفى نفس الوقت يزيد إرتفاع المبأنى كلما إتسع الشارع. وقد أدى ذلك فى مدينة نصر إلى جذب الأنشطة التجارية على الجوأنب المحيطة للطريق، فإزدحمت بمواقف السيارات وفقدت ميزتها الأساسية، وقد خططت المدينة وفق مخطط واحد نفذ على سنوات طويلة مما أدى إلى ظاهرة المضاربة على الأراضى.

البشر لابد أن يشاركوا

  • n الجمهورية : لقد اعتمدنا تطبيق هذه النظرية على جميع المدن الجديدة القائمة، فلن نجد مدينة واحدة أقيمت على أسس سليمة ؟
  • n الدكتور عبد الباقى : كل المدن المصرية تم تخطيطها وفق الأسلوب التقليدى، أى أنه تم تخطيطها بمنظورها العام بعد 25 سنة بكل مرافقها وكل طرقها، وتنفيذ هذه المنظومة الضخمة على مراحل، كل حى يتم تنفيذه فى مرحلة، لكن ليست بذرة تنمو تدريجياً.. ونحن نعتمد فى بناء المدن الجديدة على بناء المرافق والمبانى السكنية على مراحل بصورة متكاملة فى كل مرحلة، فالطريق الذى يصمم على إتجاهين يبدو غير عملى فى بداية تنمية المدينة، وكذلك المدرسة تنمو مع نمو المدينة.

ومن ناحية أخرى نحن نتعامل مع البشر لأنهم منذ بداية التنمية لابد أن يشاركوا مع المخطط والمصمم ومتخذ القرار.

إذن القضية ليست وضع السكأن فى صناديق من المبأنى الخرسأنية كما يحدث الأن فى المدن الجديدة، وأنما هى تنمية مجتمع متكامل.. لا نتغافل عن توفير فرص عمل جديدة للقادمين الجدد حسب إحتياجاتهم، لأن المخطط ليس له الخيار فى تحديد نوعية العمالة الواردة .

الخروج من الوادى

  • n الجمهورية : المشاكل التى تفرض نفسها الأن على المجتمع مثل التخطيط العمرانى والعشوائيات وأزمات الإسكان تبدو بعيدة عن الطرح الذى تقدمه هذه النظريات وأنها تتوجه نحو المستقبل فقط؟
  • n الدكتور عبد الباقى : لابد أن نضع استراتيجية قومية واضحة، تتحرك فى إطارها جميع الأجهزة المسئولة عن الأنشطة الإقتصادية، الصناعية والإسكان والتعليم، فإذا نظرنا إلى الوضع العام فى مصر نجد أن هناك مدناً مزدحمة جداً، على رأسها العاصمة، ورقعة زراعية محدودة لا تزيد على 4% يبرز سؤال : أين الحل؟

والحل فى رأيى هو الخروج من الوادى، وإقامة محاور تنمية جديدة ومدن جديدة، وهذا يتطلب توافر العوامل التى تساعد على خروج المواطنين من المدن القديمة.

وهناك عوامل طرد من الداخل .. وعوامل جذب خارجية، فالسكن فى القاهرة مثلا له قيمة إيجارية منخفضة، بينما الوحدة السكنية فى المجتمعات الجديدة تصل إلى أضعاف هذه القيمة الإيجارية، لذلك فعوامل الجذب الموجودة فى المدينة الجديدة لا تساعدها عوامل طرد من المدن القديمة، بسبب قوانين الإسكان التى لا تخضع للعرض والطلب.

والساكن فى المدينة الجديدة أو فى الريف لا يجب أن يتحمل تكاليف مترو الأنفاق والصرف الصحى. أنما يجب أن يتحملها سكان العاصمة الذين يستفيدون منها .

والدعوى إلى تخفيف الضغط عن القاهرة عن طريق تنمية الأقاليم لتصبح نقاط جذب هى دعوة خاطئة تماماً.

حكاية جامعة الزقازيق

  • n مثلا فى الستينيات كان هناك رأى بأن تخفيف الضغط عن القاهرة يحدث عن طريق توفير الخدمات الموجودة بالعاصمة فى المحافظات، ومن بينها الجامعات… وبدأت إقامة الجامعات الإقليمية، وعندما عرض على تخطيط جامعة الزقازيق، طلبت من رئيس الجامعة أن يختار موقعا فى الأراضى الصحراوية قرب بلبيس على بعد 22 كيلو من الزقازيق وتقام عليها الكليات ومنها كلية الزراعة التى تهتم بزراعة الأراضى الصحراوية، وقد رفض قائلا إن القرار السياسى أن تقام الجامعة فى الزقازيق والنتيجة إنها أصبحت عامل جذب يستقطع من الأراضى الزراعية مساحات كبيرة ويضاعف زحام المدينة والسبب أن القرار السياسى لا ينظر للأمور بالمنظور القومى وأنما بالمنظور المحلى، ولا يهتم سوى بالمدينة وخدماتها من المنظور المحلى، وهو غالبا يتصف بالسرعة لإرضاء الضغط ..

وأذكر أننى وجهت رسالة للواء يوسف صبرى أبو طالب عند تعيينه محافظا للقاهرة، طلبت منه فيها ألا يقيم أى منشآت جديدة فى العاصمة، وأنما يعمل على طرد سكانها .. وهذا هو الطريق الوحيد لحل مشاكلها، ولكن عادة ما تحدث ضغوط تمنع ذلك، ولذلك نجد أن الخبراء ينظرون إلى الأمور فى منظورها القصير والمتوسط والبعيد، أما السياسى فيسعى لإرضاء الجماهير وينظر للأمد القصير وبالتالى تصبح نظرته قاصرة .

  • n الجمهورية : أعتقد أن السؤال الأن هو.. ما العمل لمواجهة هذه المعضلة؟

مجاعة بعد 25 سنة

  • n الدكتور عبد الباقى : لابد من أن يدرك المجتمع أبعاد أزماته، ويعرف الناس أنه إذا إستمر البناء على الأرض الزراعية لمدة ربع قرن قادم فستحدث مجاعة، لأن الأرض الزراعية ستزول.
  • n الجمهورية : لماذا توقف فى مصر عند الحديث عن النظريات، بينما تحول هذه النظريات على أيدينا إلى واقع ملموس فى دول عربية أخرى ؟
  • n الدكتور عبد الباقى : العلاقة بين الفكر التخطيطى والفكر السياسى هى التى تحول دون تنفيذ ذلك فى مصر… فالفكر السياسى هى الذي يسعى إلى سرعة الإنجاز فى البناء الإجتماعى العمرانى لمجتمع جديد أو إطار الإستراتيجية القومية للتنمية العمرانية… لذلك ينتفى دور الخبير الإستشارى لأنه ليس من سلطاته التنفيذ.

إن حل مشاكل المدن القائمة يتطلب أن تتوقف حركة البناء بها لمدة 15 سنة على الأقل. وسياسية إمداد المناطق العشوائية بالمرافق، سيؤدى إلى المزيد من العشوائية ، والحل هو أن نتوقف عن ذلك ونحرم هذه المناطق من المياه ماعدا ساعتين يوميا، ونوقف عنها الموصلات العامة إلا مرة واحده فى اليوم، مع تهيئة الذين سيهربون من هذه المناطق إلى مناطق جديدة .

إسكأن من لا مأوى لهم

  • n وقد كلفت وزارة التعمير لوضع خطة لإيواء من لا مأوى لهم على مستوى الدولة، بعد أن إعترفت فى وزارة الإسكان بأن هناك ضغوطا مورست عليها فى مشروعاتها السابقة، وقد نظمت مؤتمراً دولياً شارك فيه خبراء من دول العالم ووجدنا أن المشكلة فى مصر لا مثيل لها فى العالم وقد اخترنا مواقع المدن في الأطراف كمواقع جذب وكبدائل للمناطق العشوائية التى يسعى البعض الأن لتوفير وسائل الراحة للذين يقيمون بها للأسف الشديد .

وقد تم إختيار لجنة قيادية من محافظة القاهرة ووزارة التعمير ووزارة الشئون الإجتماعية على أن يقوم الناس بالبناء بأنفسهم، بعد أن توفر لهم الإمكانيات، وقد إستفدنا من تجربة الإسكان العشوائى ولكن مع تنظيم آلياته ، لذلك أعددنا فى كل منطقة مركزاً للبناء بالجهود الذاتية.. يساهم فى بيع مواد البناء بنوعياتها المختلفة من أسمنت وجبس وبلاط وخامات، وبيع التجهيزات المعمارية. كما يوفر كافة المتطلبات اللازمة لعمليات التشييد والبناء، ويعامل هذا النشاط معاملة الجمعيات الإستهلاكية سواء من الناحية الإقتصادية التجارية أو الناحية التنظيمية.

كل هذا يحتاج إلى فكر غير تقليدى وأن تتولى الأجهزة غير الحكومية القيام بهذه المهام، حتى تكون لديها حرية التصرف .

وإذا كأنت الدولة تنفق على تطوير الأحياء العشوائية، فمن الأولى أن تتولى دعم من لا مأوى لهم .

مترو الأنفاق … غلط

  • n الجمهورية : لاحظنا أن المواطنين يرفضون مغادرة المناطق العشوائية رغم توافر كل عناصر الطرد.. فما تفسيرك ؟
  • n الدكتور عبد الباقى : لابد من التعرف على الأسباب التى تجعل الناس لا يتركون هذه المناطق، وأهمها أن السكن فى هذه المناطق رخيص جداً، وأنهم يجدون فرص عمل هامشية لا تتوافر فى المجتمعات الجديدة، ولذلك يجب منع هذه الحرف، ووقف المواصلات العامة فى هذه المناطق.

وإذا كنا تفريغ العاصمة فلا يجب أن نقيم مشروعات مثل مترو الأنفاق وقد كنا نطلق عليه اسم “مترو الأنفاق بالألف المكسورة لأنه طالما وضعنا وسيلة للجذب فى القاهرة، فلن يتوقف الإقبال عليها ولن يغادرها الناس، وكأن يجب أن يوجه هذا الإستثمار فى مجال آخر .

وعندما بدأت مشروعات كهربة الريف فى الستينات، كأن رأيى أن هذه المشروعات- رغم مظهرها الحضارى – تعتبر كارثة قومية، ونفس الوضع ينطبق على توصيل المياه للريف من صرف صحى أدى إلى تلوث منابع المياه، وأصبحت كل القرى تطالب بالصرف الصحى، وكل بيت يسعى لأن تتوفر الكماليات كالغسالة والثلاجة الكهربائية وإرتفعت العمارات على حساب الأراضى الزراعية .

أن المنظور القومى هذه المشكلة يقضى بأن يتم توفير المياه والكهرباء وكافة الاستثمارات القومية فى المواقع التى يجب أن يقيم بها الناس … لا المواقع التى يقيمون بها بالفعل … وهذا أساس نظريتى .

لقد ترتب على توصيل المياه والكهرباء للقرى أن تحولت القرية إلى مدينة ثم نتباكى على أنتاج القرية .

تفريغ لندن

  • n ألا يوجد لديك حل أقل كلفة من حرمأن أبناء الريف من المياه النقية والكهرباء ؟
  • n الدكتور عبد الباقى : لا يوجد خط قاطع فى معالجة الأمور، أما أبيض أو أسود، وأنما هناك عوامل وإجراءات إقتصادية لتوفير المرافق والخدمات، حيث يمكن توفيرها فى منطقة بتكلفة أقل، ولدينا تجربة تفريغ لندن، حيث قاموا برفع الضرائب فى العاصمة، وتخفيضها فى المدن الجديدة، وتكونت المدن الجديدة حول لندن، وأصبحت المشكلة الأن هى كيفية إعادة الناس إليها .

الجمهورية : نلاحظ أنك تساهم فى مشروعات الإيواء لمن لا مأوى لهم، وتتبنى نظريات الرائد حسن فتحى فى عمارة الفقراء، ومع ذلك ترى أن تطبيق منطق العرض والطلب فى مجال الإسكان سيحل مشكلة الإسكان، ألا يبدو الأمر متناقضا فى ظل أزمة الإسكان الراهنة ؟

الدكتور عبد الباقى : أنا لا أرى أن هناك أى تناقض، لأن الإقتصاد الإسلامى يؤكد على أهمية التكافل، فالعرض والطلب للأنسان القادر أما غير القادر على التكامل مع هذه الآليات فلابد أن يساعد الغنى الفقير، وأن توجه الزكاة لإيواء من لا مأوى لهم، بدلا من إقامة المساجد والمدارس، لأن التعليم يمكن أن يتم فى الكتاب والصلاة تجوز فى أى مكان، أما المسكن فتوفيره ضرورة .

الريف يدفع للقاهرة

  • n الجمهورية لو عدنا مرة أخرى لمناقشة مترو الأنفاق، ألا ترى أنه من الناحية العملية قد حل مشاكل المرور فى العاصمة ؟
  • n الدكتور عبد الباقى : لقد قيل أن الهدف من إقامة مترو الأنفاق هو حل مشكلة المرور فى القاهرة، وهذه المشكلة تنبع من زيادة السكان وزيادة فرص العمل التى تجلب الزحام، وعندما تعطى دفعة لعوامل طرد السكان من القاهرة وتخلق فرص عمل جديدة فى مدن أخرى، تنتفى مشكلة الزحام .

ولقد قيل أيضا أن الكبارى التى تكلفت الملايين أقيمت لحل مشكلة المرور ولو أننا أنفقنا هذه الأموال على المدن الجديدة لكان أجدى، وأعتقد أنه من الظلم أن يدفع الذين يعيشون خارج القاهرة الضرائب لتنفق على أبناء العاصمة ، والمفترض ألا يتحمل هؤلاء مثل هذه النفقات .

وعندما تكون سياستنا فى إقامة المدن الجديدة توفير فرص عمل دون أن نوفر استيطان البشر، لا يمكن أن نسمى هذه المناطق مدنا جديدة، والأقرب إلى الصواب أن نقول أنها مناطق صناعية جديدة، وهذا ما حدث فى العاشر من رمضان ومدينة 6 أكتوبر، لأن معدل التنمية فى الصناعة يفوق أضعاف التنمية فى الصناعة يفوق أضعاف التنمية السكانية، لذلك لم تحقق هذه المدن أهدافها فى جذب السكان من المناطق المزدحمة إلى المدن الجديدة ونحن نحاول أن نتجنب هذه المشاكل فى مشروع إيواء من لا مأوى لهم، ولكن المشاكل بين المحافظ والوزير لا تساعد على ذلك .

  • n الجمهورية : ما هو المقصود بمن لا مأوى له ؟
  • n الدكتور عبد الباقى : هو الشخص الذى ليس لديه سوى دخله المحدود ولايتوافر له السكن، فى كل محافظات مصر.

التخطيط … والتنفيذ

  • n الجمهورية : رغم تعدد الدراسات التى أعدت لحل مشاكل الإسكان فى القاهرة … لماذا لا تجد هذه المشاكل الحلول التنفيذية ؟
  • n الدكتور عبد الباقى : هناك مخططات وضعت لتطوير القاهرة ، ولكن لا توجد أجهزة قادرة على نقل هذا الفكر التخطيطى إلى واقع تنفيذى .. ويكفى أن تعلم أن محافظة القاهرة التى تتعامل مع أكثر من 12 مليون نسمة لا يوجد لديها سوى خمسة مهندسين فى التخطيط ‍!! وهم يعملون
word
pdf