تنظيم العمل الاستشاري في مجالات العمارة وتخطيط المدن

تنظيم العمل الاستشاري في مجالات العمارة وتخطيط المدن2019-11-21T15:02:09+00:00

تنظيم العمل الاستشاري في مجالات العمارة وتخطيط المدن


أ.د عبد الباقي إبراهيم

رئيس قسم العمارة بجامعة عين شمس


رئيس مركز الدراسات التخطيطية والمعمارية

 

 

العمل الاستشاري قريب العهد في مصر فكانت المكاتب الاستشارية تقوم علي بعض الأفراد يؤجرون شقة في وسط البلد ويعملون بها في الفترة المسائية ويحصلون علي المشروعات أما عن طريق المعرفة الشخصية وتتم المحاسبة بالتفاوض أو عن طريق المسابقات المعمارية وتتم المحاسبة علي أساس ما تحدده شروط المسابقة. واستمر هذا الوضع قائما حتى بداية عصر الانفتاح بعد عام 1973. حيث تسللت إلي مصر العديد من الخبرات الاستشارية الأجنبية أما عن طريق حكومتها أو عن طريق وسائلها الخاصة بالتعامل مع سماسرة الأعمال الاستشارية.. وهنا تدفقت المعونات الأجنبية لدراسة المشروعات التي تتطلبها الدولة كشرط لتحديد قيمة القروض التي تمنحها الدول المختلفة وفي هذه الأثناء بدأت تتكون بعض المكاتب الاستشارية المحلية كشركاء للمكاتب الأجنبية حتى استقر بها الحال تنظيميا وفنيا.. وبدأت تأخذ وضعها في مقدمة المكاتب الاستشارية المحلية وبدأت تحرك عملائها في كل مكان للحصول علي حجم كبير من الأعمال التي تنجزها بأقرب الطرق دون النظر كثيرا في قيمة الإنتاج نفسه.. وهنا أيضا اختلطت المفاهيم بالنسبة للعمل الاستشاري فهو عند المتخصصين يرتبط بنوعية التخصص وعند غيرهم هو كل شيء حتى أصبحت بعض المكاتب الاستشارية تعمل في كل مجال طالما هي قادرة علي توظيف بعض الخبراء لديها بعض الوقت.. وأكثر من ذلك اختلطت المفاهيم بالنسبة لتسجيل استشاري ( في نقابة المهندسين مثلا ) فكل من مضي علي تخرجه خمسة عشرة عاما يكون له الحق للتقدم للحصول علي لقب استشاري.. والنقابة تحدد نوعية العمل الاستشاري- مثلا استشاري في الصرف الصحي – أو في الطرق السريعة أو في عمارة الإسكان.. ولكن اللقب الذي يستقر في ذهن المتعاملين معهم هو كلمة استشاري فقط.. هنا تداخلت الاختصاصات, ويعمل كل حسب اجتهاده في غير اختصاصه.. والنقابة لا تدرى كيف تتحكم في الموضوع.. وفي عام 1982 بدأت محاولات لوضع قانون لممارسة المهنة الاستشارية وأخذ يتردد من ندوة إلي أخرى إلي أن وصل في نهاية عام 1985 إلي مسودة وضعها المستشار القانوني لرياسة الوزراء.. ولا تزال تناقش في النقابات المختلفة… والحالة تزيد سوءاً لتأخر صدور هذا القانون.

والحقيقة فان الوضع الآن يتأرجح بين المكاتب الاستشارية الأجنبية الأكثر تنظيما والأعلى كفاءة في الأداء ومع ذلك يعطيها القانون حق السيادة التعاقدية مع الأجانب وبنسبة لا تقل عن 51٪ وهنا تختلف الآراء في قيمة هذه النسبة التي تقدر بقيمة الخبراء والمتخصصين أو بقيمة المساعدين والإداريين. والوضع لا يزال مبهما علي كل حال.

المشكلة ليست في إصدار القانون.. أو حقوق المكاتب المحلية.. ولكن المشكلة في الكفاءة التنظيمية للمكاتب المحلية التي يجب أن ترقي إلي ما يقرب من مستوى المكاتب الأجنبية التي لها يساندها تنظيميا وفنيا وعلميا.. أما المكاتب المحلية فليس لها أب شرعي يرعاها غير النقابات المهنية.. والنقابات المهنية في مصر مشغولة بالمشروعات الإنتاجية والأمن الغذائي والجمعيات التعاونية والأعمال المصرفية وغير ذلك من المجالات التي لها مؤسساتها الخاصة وليس هناك في البلاد المتقدمة شيء اسمه نقابة المهندسين الإنجليز مثلا أو نقابة المهندسين الفرنسيين أو نقابة المهندسين الأمركيين بل هناك مؤسسات تخصصية ترعي كل تخصص مهنيا وعلميا معا.. وهذا معروف للجميع ولكننا ورثنا نظام النقابات المهنية منذ عام 1945 و لا ندرى كيف التخلص منه.. فالنقابات كما يعرف الجميع هي للفئات العمالية وليست للفئات المهنية.لذلك فأن الوضع القائم بالنسبة للمكاتب الاستشارية المحلية لن يتقدم ما دام نظام النقابات المهنية قائم.. وهنا لابد من الإشارة إلي صحوة المعماريين المصريين التي بدأت في ديسمبر 1984 وأسفرت عن مؤتمرهم الأول في إبريل 1985 وهاهم يعدون لمؤتمرهم الثاني في ابريل 1986 لاتخاذ القرارات التي تدعو إلي إنشاء اتحاد للمعماريين المصريين يرعي شئون المعماريين والعمارة في مصر.. مهنيا وتنظيميا وعلميا وثقافيا وإداريا وتشريعيا… كما هو الحال في كل مكان من دول العالم المتحضر.

word
pdf