جوائز الدولة التقديرية والتزحلق الى اعلى

جوائز الدولة التقديرية والتزحلق الى اعلى2019-11-25T14:10:40+00:00

 جوائز الدولة التقديرية والتزحلق الى اعلى

اجتمع المجلس الأعلى للثقافة لدراسة امكانية رفع قيمة جوائز الدولة التقديرية من خمسة الآف جنيه إلى خمسة وعشرين الف جنيه أى بمقدار خمس مرات كما ذكرت الصحف واستحداث جائزة متوسطة قيمتها عشرة الآف ورفع قيمة جائزة الدولة التشجيعية من ألف جنيه إلى خمسة الآف جنيه … ومهما كانت الأرقام فهناك اتجاه لرفع قيمة الجوائز حتى تتناسب مع قدر الجائزة ومكانتها العلمية على المستويين المحلى والعالمى وحتى تجذب اليها أصحاب الانتاج الفنى والعلمى الرفيع الذى يتناسب مع قيمة الجائزة التى بدأت تفقد مصداقيتها بصورتها ونظامها الحالى …

ان الارتفاع بقيمة الجوائز يتطلب ارتفاعا بمستوى الأداء فى الاعلان والتقديم والتنظيم والتحكيم على غرار الجوائز العربية والدولية التى سبقتنا فى هذا المجال وحافظت على قدرها وقيمتها … ان المتتبع لاسلوب تناول جوائز الدولة التقديرية والاعلان عنها والترشيحات التى قدمت يتضح أن هناك خللا واضحا فى آليات التعامل مع هذه الترشيحات … فهناك جهات ترشح من اعضائها لهذه الجوائز على اساس الاقدمية الوظيفية وليس على أساس قيمة الانتاج ومستوى العطاء حتى ياخذ كل عضو فرصته فى الترشيح ، فهناك من يتم ترشيحه مرة واخرى وعندما يفقد فرصته يتم ترشيح التالى له فى الاقدمية مرة واخرى واذا لم يصبه الحظ يتم ترشيح التالى له …

وهكذا … وكل حسب قدرته على الترويج لاعماله بمختلف الوسائل والطرق. وهناك من يستنفذ فرص ترشيحه من الجهة التى يعمل بها فيلجأ الى جهة اخرى يستجدى منها الترشيح … لقد شابت بعض هذه الترشيحات الكثير من الشوائب فى العرض والتقييم خاصة فى الموضوعات التى لا تدرى عنها بعض لجان الفحص اى شىء ولا تدخل فى اختصاص اى من اعضائها … وهنا تأخذ لجان التحكيم بالكم اكثر منه بالكيف …

وهى لا تعلم شيئا عن السلوكيات المهنية للمرشحين ، فهى لا تعلم ان احد المرشحين تقدم باعماله لنيل جائزة الدولة التقديرية …. مع انه سبق ان تقدم بها من قبل لاكثر من مرة لجوائز عربية ، ورفضت من اول جولة ونالت اشمئزاز لجان التحكيم لهذه الجوائز العربية ، والمرشح اليها لا يصاب باذى ولكن المصاب هو مصر التى ينتمى اليها ومع ذلك ترشحه مصر لجائزة الدولة التقديرية … وفوق ذلك فقد ادعى انه يحمل شهادات علمية وهو فى الواقع لا يحملها … ولجان التحكيم فى مصر لا تدرى عن ذلك شيئا بحكم عدم التخصص.

ان من المرشحين من كتب بنفسه مبررات الترشيح لتقدمها الجهة التى تسول منها هذا الترشيح.

فالقارىء لحيثيات هذا الترشيح يجد الأوصاف الرنانة التى ليس لها اى رصيد فى الواقع العلمى او المهنى المعروف للجميع من افراد نفس المهنة … وتجد المرشح وهو يعدد المواد الدراسية التى يدرسها للسنوات المختلفة فى الجامعة التى يعمل بها ويكررها فى الجامعات التى ينتدب اليها وهو هنا مثل غيره من اعضاء هيئات التدريس فى الجامعات . ومن المضحك ان احد المرشحين قدم مستندات ترشيحه متضمنة خطابا اداريا لتعيينه رئيسا لكنترول الامتحانات فى القسم الذى يعمل فيه …

هكذا دون خجل … ومنهم من ادعى انه الف العديد من الكتب التى لا وجود لها الا فى رسالة علمية حصل عليها كما ادعى قيامه باعمال متميزة مع ان بعضها كان محل التحقيق الادارى والفنى ، كما انه استاثر ببعض الاعمال مع ان له شركاء فيها … وادعى فى حيثيات ترشيحه ان اعماله تصل الى الجذور الحضارية والتراثية وهى ابعد ما تكون من ذلك … وذلك معروف فى الأوساط المهنية التى ينتمى اليها … والا لماذا لم تنشر هذه الاعمال فى الداخل او الخارج مع انه يدعى ذلك فى حيثيات ترشيحه التى كتبها بنفسه للجامعة التى رشحته ، ومع كل هذه الشوائب تقدم وثيقة الترشيح الى المجلس الاعلى للثقافة موقعة من رئيس الجامعة الذى لم يعلم على ماذا قد وقع ومن المرشحين من ادعى انه يجيد عددا كبيرا من اللغات واللهجات الاجنبية وهو فى واقع الامر لا يستطيع ان يكتب سطرا واحدا بها … ومن المضحك انه قدم بطاقات الدعوة لمحاضرات القاها فى احدى الجمعيات كمستندات علمية . ولم يقدم المحاضرات نفسها ، كما قدم برامج المؤتمرات التى شارك فيها كمستندات علمية اخرى دون ان يقدم فحوى هذه المشاركة … وقدم اعلانا فى جريدة لاثبات قيامه بعمل من الاعمال ولم يقدم صورة العمل نفسه … كما قدم صورة من تحقيق صحفى اشارت لمشاركته فيه.

مع ان هناك آلافا من التحقيقات الصحفية لغيره … كما قدم اغلفه لكتب اصدرها ولم يؤلفها … جمع فيها ما ساعد على بيعها للطلبة … ومع هذا الكم من الاوراق التى لا قيمة علمية او مهنية لها تتوارى انجازات واخلاقيات غيره وهو المرشح الكبير الذى لم يسرف فى عرضه او تعداد محاضراته وزياراته والمواد التى يدرسها واللجان التى حضرها. مع ذلك رفضته لجنة التحكيم التى فضلت عنه من قدم اوراقا اكثر … هذا ليس تجنيا على احد ولكن هذا هو الواقع الذى يعرفه كل ابناء المهنة الواحدة ويعرفون عن كل مرشح اصله وفصله . ان لجنة التحكيم رفضت هذا المرشح الكبير والذى رشحته احدى الجامعات بحجة ان البيان المقدم عن تاريخه العلمى جاء معتمدا من شخصه ولم يعتمد من الجهة التى رشحته . وكان يمكنها الرجوع الى هذه الجهة بهذا الشأن الشكلى او كان يجب ان ينص على ذلك فى شروط التقديم كما تنص الجوائز العربية. وقالت اللجنة ان حيثيات ترشيحه جاءت مقتضبة للغاية … ان المرشح يؤمن بالكيف وليس بالكم كما يفعل غيره من المتسلقين فى مجاله … ومن المضحك ان لجنة التحكيم قالت عن المرشح الكبير بالنص انه بالرغم من تقدير اللجنة للوظائف الفنية الجامعية التى تولاها … الا ان ابداعاته فى مجال التخصص لم تستبن اى لم توضح بما يقضى ترشيحه للجائزة . ومن المعروف فى الاوساط المهنية ان ابداعاته ترقى كثيرا عن غيره من المرشحين الآخرين الذين لا ابداعات لهم بالمرة. وهكذا يفتى من ليس له صلاحية الافتاء … ويظهر ان لجنة التحكيم تقيس الامور ” بالوقة ” وليس بالقيمة … وهى معذورة فى ذلك لعدم التخصص ، اذ كيف يقوم مخرج سينمائى بتقييم اعمال التصوير مثلا ؟ … وكيف يقوم مستشار قانونى بتقييم الفنون المسرحية ؟ … هكذا تضيع الحقوق عند غير الخبراء المتخصصين والحقوق هنا ليست حقوقا شخصية ولكنها سمعة مصر التى اصابتها قرارات لجان التحكيم … خاصة ان بعض من رشحتهم لجائزة الدولة التقديرية لفظتهم من قبل ولأكثر من مرة لجان تحكيم متخصصة لجوائز عربية معروفة.

اذا زادت قيمة جائزة الدولة التقديرية الى خمسة وعشرين الف جنيه واستمر نظام الجائزة كما هو فسوف يزداد معها التسلق … او التزحلق الى اعلى … وسوف تحتدم المنافسة ليس للحصول على هذا اللقب الكبير الذى يؤهل صاحبه للتعالى والتفاخر ويصبح من القمم المصرية وهو ليس كذلك. ولكن ايضا للحصول على هذا المبلغ الكبير بالنسبة لمثل هؤلاء المتسلقين . هنا لابد من وقفة جادة من قبل المسئولين عن الثقافة فى مصر للحفاظ على الوجه الحضارى لمصر … بحيث تشكل لجان التحكيم من كبار العلماء والمتخصصين فى المجالات المختلفة للجائزة من داخل البلاد او من خارجها اذا لزم الامر بغض النظر عن عضويتهم فى المجلس الاعلى للثقافة وبحيث يقدم عضو لجنة التحكيم تقريره بصورة سرية دون ان يعلن عن اسم المرشح وبحيث تكون اسماء اعضاء لجان التحكيم سرية حتى لا تدع هناك مجالا للتسلق او التزحلق الى اعلى.

word
pdf