حتى نوقف الزحف العمرانى على الأرض الخضراء

حتى نوقف الزحف العمرانى على الأرض الخضراء2019-11-07T09:01:11+00:00

حتى نوقف الزحف العمرانى على الأرض الخضراء

د. عبد الباقي إبراهيم

كبير خبراء الأمم المتحدة لمشروع

التخطيط العمراني باللمملكة العربية السعودية

 

 

تطالعنا الصحف من سنة إلى أخرى بالقرارات التى يصدرها المسئولون لكبح جماح الزحف العمرانى على الأرض الزراعية، ولكن بالرغم من ذلك نجد أعمال البناء مستمرة على هذه الأراضى دون اعتبار لقرار أو احساس بمبدأ واستمرت المشكلة تتفاقم بالرغم من التحذيرات المستمرة إلى أن وصل الأمر إلى التدخل الشخصى للقيادة السياسية العليا، وبدأ المسئولون يعرضون الحل على مجلس الشعب لإصدار تشريعا يعتبر البناء على الأراضى الزراعية جريمة يعاقب عليها القانون .

ولكن كيف يمكن إيقاف هذا الزحف العمرانى على الأراضى الزراعية وأمامنا معادلة من المعادلات الصعبة التى ظهرت أخيرا ، كيف يمكن إيقاف الامتداد العمرانى الطبيعى للقرى القائمة فى وسط الأراضى الزراعية وعملية بناء الريف تهدف إلى إقامة مدرسة ومركز اجتماعى ووحدة صحية فى كل قرية والسكن الريفى كما تراه أمانة الفلاحين يجب أن يتضمن الحظيرة والمخزن وألا يرتفع فى طوابق .. كل هذه الطلبات مع ضرورة المحافظة على كل شبر من الأراضى الزراعية.

وكيف يمكن إيقاف الزحف العمرانى الطبيعى للمدن الكبيرة على الأراضى الزراعية ومشروعات الإسكان والتعمير تقوم على قدم وساق تغطى كل شبر من الأرض الفضاء داخلها أو فى أطرافها وعشرات الآلاف من الوحدات السكنية تقام فى القاهرة وضواحيها ومئات الكيلو مترات من المرافق والطرق تمتد حولها فى الوقت الذى تبحث فيه المناطق والمدن الجديدة على الاستثمارات التى تساعد على نموها .

لقد تعرض التخطيط العمرانى فى مصر فى السنوات الأخيرة إلى نغمة تطوير المناطق الريفية بهدف تخفيف الضغط السكانى على المدن الكبيرة ذلك فى الوقت الذى يعانى فيه الريف نفسه من ضغط سكانى كبير أثر على مقوماته الاقتصادية والاجتماعية . وفى أثر هذه النغمة بدأت مشروعات تصل إلى القرى مستقطعة آلافا من الأفدنة كما بدأت المصانع والجامعات والمعاهد تظهر حول مدن الدلتا والصعيد مستقطعه آلافا أخرى من الأفدنة من أكثر الأراضى الزراعية خصوبة وفى أثر ذلك ظهرت بطبيعة الحال الحاجة إلى المناطق السكنية لإيواء العمال والطلبة والموظفين العاملين فى هذه المنشآت الجديدة مستقطعة بدورها آلافا أخرى من الأفدنة الزراعية ومضيفة ضغطا أكثر على المرافق والخدمات العامة القائمة وهكذا سارت الأمور بالرغم من البحوث العلمية والتوجيهات العامة لحل هذه المشكلة ، حتى بدأت فكرة المناطق والمدن الجديدة تظهر إلى حيز التنفيذ محاولة بطريقة عملية تخفيف الضغط على كل من الريف والحضر على حد سواء . ومعنى ذلك أن تطوير المناطق والمدن الجديدة منطقيا لابد وأن يرتبط عضويا بتطوير المناطق والمدن القائمة ، كما أشارت إلى ضرورة تطوير الدلتا إلى إقليم زراعى متكامل بكل مؤسساته ومعاهده ومصانعه وتفريغه مما عدا ذلك إلى المناطق والمدن الجديدة . ومن هنا خرجت النظريات الجديدة فى التخطيط الإقليمى الذى يتناسب مع المقومات الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية لمصر حيث قسمت الأقاليم فيها إلى إقليم تخطيطية قديمة وإقليم تنمية جديدة ولكل منها تنظيماته الفنيه والإدارية … وفى إطار هذه النظريات تتحدد القواعد الاقتصادية للمناطق والمدن الجديدة .

ولابد فى هذا المجال من الإشارة هنا إلى ضرورة تنظيم العملية التخطيطية فى حد ذاتها كعملية مستمرة يمكن بها مواجهة المشاكل العاجلة للتنمية فى إطار التخطيط الطويل الأجل … وفى هذا المجال توصل مشروع الأمم المتحدة للتخطيط العمرانى الذى يقوم حاليا بالمملكة العربية السعودية إلى نتيجة حتمية وهى ضرورة معالجة المشاكل التخطيطية العاجلة والأجلة معا وفى وقت واحد وذلك لمواجهة المتطلبات اليومية للتنمية . وهذا يخالف النظرية القديمة التى تقول إن خطط تنمية المدن لابد وأن تسبقها خطط لتنمية المناطق التخطيطية وأن الاخيره لابد وأن يسبقها خطة قومية شاملة . ولكن النموذج الذى تسير عليه العملية التخطيطية الثلاثة معا وفى وقت واحد وفى إطار من الحركة التبادلية المستمرة بين هذه المستويات . ولأول مره تظهر مفاهيم جديدة للخطط السنوية والخطط الخمسية والخطط الإرشادية الطويلة الأجل للتنمية العمرانية ومن هذه المفاهيم أمكن إيجاد التكامل التخطيطى بين التخطيط العمرانى والتخطيط الاقتصادى الاجتماعى لتكون معا إطارات الخطط الخمسية للتنمية وهذا هدف لا يزال يخضع فى كثير من الدول على الاجتهاد العلمى ولم يصل بعد إلى الحيز التنفيذى الذى بدأت مقدماته الرائفده تظهر فى المملكة العربية السعودية .

وهكذا نرى ان مواجهة مشاكل الزحف العمرانى على الأراضى الخضراء بإصدار القوانين لا يؤدى إلى النتائج المرجوة ما لم تكن هناك المخارج والحلول العملية والواقعية لهذه المشاكل . ومع كل ذلك لابد من إنشاء الأجهزة التى تكفل استمرار العملية التخطيطية لمعالجة هذه المشاكل فتنظيم الهجره من المدن الكبيرة والمناطق الريفية إلى الأقاليم والمدن الجديدة لابد وأن يتمشى مع الخطوات والبرامج التنفيذية لتطوير هذه الأقاليم والمدن … وفى هذا الوقت فقط تصبح القوانين صالحة للتطبيق .
والله ولى التوفيق ،،،،،،،

دكتور عبد الباقى ابراهيم
كبير خبراء الأمم المتحدة
لمشروع التخطيط العمرانى
بالمملكة العربية السعودية

word
pdf