حول تطوير التعليم الجامعي

حول تطوير التعليم الجامعي2019-11-21T08:31:04+00:00

حول تطوير التعليم الجامعي


الحاجــة إلى كليــات للتعميــر والإسكــان


دكتور عبد الباقي إبراهيم


رئيس مركز الدراسات التخطيطية والمعمارية

 

 

 

فى الوقت الذي تسعى فيه الدولة لتطوير التعليم الجامعي لدفع حركة التنمية والتعمير والارتقاء بالمستوى الفكري والثقافي، يحاول البعض الربط بين احتياجات الخطط القومية والمؤهلات المختلفة التى تساعد على تحقيق أهداف هذه الخطط. ومن المعروف أن كثيرا من المناهج التعليمية فى العديد من الكليات لا تزال تتبع القوالب العلمية المستوردة من الغرب والتي بنيت أساسا لتحقيق أهدافا خاصة فى بيئتها الغربية وقد لا تصلح لبيئتنا المصرية. وهنا يجدر الحذر من استيراد قوالب جديدة من هذه المناهج خاصة للمعاهد التكنولوجية المزمع إنشاؤها عن طريق الاستثمارات الخاصة أو العامة.. حتى لا يستمر التقدم العلمي فى مصر معتمدا كلية على الإنجازات التكنولوجية التى يصدرها الغرب ونفقد بذلك مكانتنا العلمية وقوتنا الذاتية.. ولكن المهم هو إيجاد التكنولوجيا المتوافقة التى تتلاءم مع ظروفنا الاقتصادية ومقوماتنا الاجتماعية والثقافية.. تكنولوجيا تعتمد على استثمار الطاقات البشرية والموارد المحلية.. تكنولوجيا تساعد على البناء الذاتي للإنسان المصري كما تساعد على البناء الذاتي للاقتصاد المصري.

وإذا راجعنا متطلبات برامج التنمية الاقتصادية الاجتماعية من التخصصات المختلفة وإذا قارنا مسميات الأجهزة التنفيذية بمسميات الكليات الجامعية نجد أن وزارة التجارة لها ما يقابلها فى كلية التجارة وان وزارة الاقتصاد لها ما يقابلها فى كلية الاقتصاد وان وزارة العدل لها ما يقابلها فى كلية الحقوق وان وزارة السياحة لها ما يقابلها فى كلية السياحة وان وزارة الزراعة لها ما يقابلها فى كلية الزراعة, ووزارة الصحة لها ما يقابلها فى كليات الطب، إلا وزارة التعمير والإسكان ليس لها ما يناظرها فى الكليات مع أن هذا القطاع الهام يمثل حجما كبيرا من الاستثمارات فى الخطط القومية.. وهو فى مجال التعمير يعتمد على بعض خريجي كليات الهندسة خاصة فى أقسام الهندسة الإنشائية أو المعمارية أو التخطيط العمرانى.. أما الإسكان فلا يلقى الاهتمام الكامل وان كان يدرس كمادة فى المناهج المعمارية أو التخطيطية مع انه من أهم المجالات التى تهم كل فرد من أفراد المجتمع كالمأكل والملبس.. والإسكان ليس مادة قائمة بذاتها بل هو علم شامل له جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية بجانب جوانبه التخطيطية والمعمارية والإنشائية ولا يمكن الفصل بين هذه الجوانب فى توجيه سياسات الإسكان أو فى تنفيذ مشروعاته، الأمر الذي يستدعى جدية التفكير واتخاذ القرار لإنشاء كليات متخصصة فى التعمير والإسكان تضم أقسام التخطيط العمرانى والعمارة والمرافق العامة واقتصاديات التعمير والاجتماع الإسكاني، وإدارة المشروعات وتنسيق المواقع أو غيرها بحيث توجه برامجها توجيها متكاملا بهدف تحقيق متطلبات التنمية القومية فى تعمير الصحراء بالتجمعات السكنية الجديدة ورفع المعاناة عن التجمعات السكنية الجديدة ورفع المعاناة عن التجمعات السكنية التى يضيق بها الوادي الأخضر واستنباط تكنولوجيا متوافقة للبناء تعتمد على قدرات الإنسان والموارد المحلية واستحداث أنماط معمارية تتلاءم مع البيئة والقيم التراثية وتوفير عوامل الجذب لبناء مستوطنات جديدة للعمل والسكن معا.. وأخرى للإقامة والدفاع عن الوطن وإيجاد الوسائل المختلفة لتحقيق المشاركة الشعبية فى البناء والتعمير والإسكان.. وهكذا تبنى المناهج العلمية من واقع الخصائص المحلية وترتبط النظرية بالجوانب التطبيقية. وهنا يمكن اعتبار معهد أبحاث البناء والإسكان والتخطيط العمرانى نواة لأحد هذه الكليات إذا انضمت إليه أقسام العمارة والتخطيط العمرانى والدراسات البيئية وترميم وصيانة المباني والمرافق العامة واقتصاديات البناء والتشييد والاجتماع الإسكاني.. كما يمكن اعتبار معهد البيئة فى جامعة عين شمس أيضا نواة لأحد هذه الكليات إذا انضمت إليه أقسام العمارة والتخطيط العمرانى والمرافق العامة وأضيفت إليه الأقسام الأخرى المكملة.. على أن تعاد الصيغة العلمية لهذه الأقسام بحيث تعمل فى إطار متكامل من المناهج العلمية التى ترتبط جذورها بالواقع المحلى دون استيراد لقوالب علمية أجنبية..فما فائدة نظريات إنشاء المباني إذا لم تتوافق مع موارد الدولة وإمكانياتها ؟ ، وما فائدة النظرية المعمارية إذا لم تحل مشاكل المجتمع اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ؟ .. وما فائدة تاريخ العمارة إذا لم يؤكد التواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل ؟ وما أهمية النظرية التخطيطية إذا لم تتوافق مع المقومات الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع وتتفق مع قدراته الإدارية ؟ وما أهمية النظرية الاقتصادية والاجتماعية إذا لم تحقق متطلبات كل أفراد المجتمع ؟ وما فائدة التعمق فى دراسة نظريات رواد العمارة الغربية إذا كانت الثروة العقارية فى مصر تنهار على سكانها؟ وما أهمية تكنولوجيا البناء المستوردة إذا كان أكثر من نصف سكان مصر يقيمون فى مساكن دون المستوى الآدمي للحياة .. هذه هى التحديات التى يجب أن تواجهها المناهج العلمية النظرية والتطبيقية فى كليات التعمير والإسكان..

word
pdf