شارع المعز ..المغلوب على أمره

شارع المعز ..المغلوب على أمره2019-11-27T15:08:51+00:00

  شارع المعز ..المغلوب على أمره

     دكتور عبد الباقى ابراهيم

رئيس مركز الدراسات التخطيطيه و المعماريه

الاقتصادى 1/7/1996

 

     أثـارت رسالة المهندس صلاح حجاب الى السيد الدكتور رئيس الوزراء بشأن ما يتعرض اليه شارع النصر من مهانه أثارت الكثير من التساؤلات عما يتم فى الخفاء بخصوص تراثنا العمرانى ويؤكد ذلك الصيحات المدويه التى أطلقها فاروق جــويده على صــفحات أهـرام الاحد  .. والمسأله لا تقتصر عن معاملة هذا التراث من خلال ادارات الشئون الماليه والاداريه فى هيئة الآثار نيابة عن محافظة القاهره أو بواسطة هيئة الأبنيه التعليميه التابعه لوزارة التربيه والتعليم و لكن المشكله أبعد من ذلك بكثير فهناك العديد من الهيئات والمنظمات التى تلعب أدوارها فى منطقة القاهره الأسلاميه دون تنسيق أو نظام يجمعهم .. فهناك مؤسسه ARCE الأنجليزيه التى يقوم مهندسيها بالرفع المعمارى لشارع المعز وهناك برنامج الأمم المتحده الذى يغذى بعض الدراسات لتطوير منطقة الجماليه وهناك بعثه فرنسيه تقوم بترميم بعض المبانى الأثريه . وهناك قرض فرنسى لتطوير منطقة باب الفتوح و تكاد تنتهى المده المحدده للقرض دون أى نتيجه ملموسه. وهناك قرض فرنسى لتطوير منطقة الدرب الأصفر من خلال الهيئه العامه للتخطيط العمرانى بوزارة الأسكان. وهناك المعونه الأمريكيه التى تحاول أن تجد لها دور من تطوير القاهره المعزيه .  وقبل ذلك هناك الجهاز التنفيذى لتجديد أحياء القاهره الفاطميه و الأسلاميه بوزارة الأسكان الذى أنشىء منذ أكثر من خمس سنوات ولم يظهر له أى أثر فى المواقع ثم هناك لجنة الحفاظ على القاهره الأسلاميه بمحافظة القاهره و معها قطاع الآثار الأسلاميه و القبطيه بهيئة الآثار تحاول أن يكون لها دور مهم ثم هناك المعونه الألمانيه التى ترغب فى القيام بدور آخر بجانب صندوق التنميه العربى بالكويت الذى بدأ يدخل بثقله المالى فى تطوير بعض المبانى ثم المناطق فى قلب القاهره الأسلاميه. وتجد المختص الأنجليزى الذى يقوم بدراسة الملاقف فى نفس المنطقه و أكثر من ذلك هناك أصحاب الرسائل العلميه الذين قاموا بدراسات أكاديميه متعدده فى شوارع القاهره الأسلاميه وأزقتها و مبانيها الأثريه وذلك فى رسائل علميه وضعت بالتالى على الأرفف وهكذا تزحف كل هذه الجهات والمؤسسات والهيئات على القاهره الفاطميه و الأسلاميه تعمل فرادا دون نظام أو خطه أو تنسيق بينها … وفى نفس الوقت يظهر قانون تنظيم المبانى الجديد يهدف الى الحفاظ على التراث المعمارى فى كل أرجاء مصر والقاهره على وجه الخصوص كما يهدف الى اضفاء الطابع المتآخى مع التراث المعمارى فى قاهرة العصور الوسطى و يظهر القانون ولا يجد الأجهزه أو النظم أو القواعد التى تساعد على تنفيذه فى الواقع من خلال مهندس تراخيص المبانى فى ادارات الأسكان بالمحافظات المختلفه. ثم هناك وزارة الأوقاف التى تمتلك التراث المعمارى فى مصر ولا تستطيع الحفاظ عليه من كثرة القوانين . وعوده مره أخرى الى عام 1985 عندما عرض البنك الدولى على محافظة القاهره أنه على استعداد للعمل على تمويل تطوير قاهرة العصور الوسطى سواء بالنسبه للبيئه الأساسيه أو المبانى الأثريه أوالتحكم فى العماره القائمه أو المستجده. وأنتهت الدراسات الأوليه التى قام بها البنك الدولى بمعاونة عدد كبير من كبار المتخصصيين والخبراء المصريين الى ضرورة قيام جهاز واحد للحفاظ على القاهره تنتقل اليه أختصاصات الأوقــاف والآثـار وأجــهزة وزارة الأسـكان والمحافظـــه تحت مســمى هيئة تطوير القاهـــره CCA  (Cairo Conservation Authority) – تتبع رئاسة مجلس الوزراء أو أى جهه تعينها الدوله وذلك على غرار هيئة رد الأعتبار لمدينة فــاس أو جــهاز تطوير مدينة تونس القديمه أو على الأقل مثل جهاز تطوير مدينة صنعاء القديمه التى بدأت أعمالها منذ سنوات عديده وأنجزت أعمالا كبيره نفتخر بها فى العالم و نتلقى على حسها المعونات الدوليه. ولكن للأسف لم تأخذ أجهزة الدوله عام 1985 مشروع البنك الدولى مأخذ الجد. كان وراؤه فى ذلك الوقت الدكتور أسماعيل سراج الدين نائب رئيس البنك الدولى للبيئه والتنميه المستدامه وهو ملىء السمع و البصر .. ولكن ليس هناك من يسمع أو يرى .. ويبقى تراث مصر فى مهب الرياح يتناوله كل من هب ودب وكاد يندثر دون تحرك من المسئولين. والحفـــاظ على تراث مصــر ليس فقط من باب الوطنيه والأنتمــاء الحضارى ولكن لأنه رأس المال الوحيد الثابت فى رصيد مصر.

word
pdf