شركات خاصة لتصدير العمالة المصرية

شركات خاصة لتصدير العمالة المصرية2019-11-25T12:13:29+00:00

شركات خاصة لتصدير العمالة المصرية

د. عبد الباقي إبراهيم

 

 

قد تكون للأحداث الأخيرة آثارها الايجابية المتمثلة في التقويم والمراجعة للعديد من مشاكلنا المحلية . وأهمها مشكلة العمالة المصرية التي تهاجر إلى الخارج بحثا عن العمل في أجواء يسودها الاستغلال ويلفها الظلام والضياع لا تجد فيها من ينظمها أو يرعى حقوقها, والعمالة العائدة بهذه الصورة التي تملأ الشاشة الصغيرة تدعو إلى الحسرة والأسى … ليس بسبب المعاناة التي تعرضت لها أثناء رحلة العودة, ولكن بسبب الحالة الحضارية التي ظهروا بها .. فمنهم من لا يستطيع القراءة أو الكتابة ومنهم من لا يدرك حقوقه أو واجباته ومنهم من تتلاقفه الأقدار وتعصف به الرياح .. زد على ذلك عدم التأهل إلا للأعمال البسيطة .. حتى أصبحوا من أرخص العمالة في العالم وأسهلها توظيفا أو إستغناءا .
والعمالة المصرية تعتبر جزءا هاما من الثروة البشرية الكبيرة التي يمتلكها المجتمع المصري, وهي الأجدى بالعناية و الرعاية كغيرها من الثروات الزراعية أو الصناعية التي تنتجها مصر. ولا أقل من العناية بالعمالة المصدرة إلى الخارج بنفس العناية التي تلقاها السلع الأخرى التي يحاول المصدرون لها أن يقدموها إلى السوق الخارجية في أحسن صورة وأكثر كفاءة .. مغلفة بشكل لائق مؤمنا عليها من عوامل التلف أو العطب ..

والدولة لا تستطيع أن تغرس الأشجار المثمرة بشتلات صغيرة وترعاها بالري والسماد حتى تكبر وتنضج ثم تثمر .. ثم تقوم بجمع الثمار وتغلفها وتصدرها .. فقد تركت ذلك إلى القطاع الخاص وإلى شركات الانتاج وشركات التصدير .. والعمالة المصرية هنا مثلها مثل الثمر الذي نضج على عوده ثم أخذ يتساقط على الأرض واحدة بعد الأخرى .. ليلتقطها أي عابر سبيل يأكل منها ما يأكل ويرمي منها مايرمي. فتصبح ثمرة رخيصة الثمن لا تعود على صاحب الشجر بعائد يذكر .. هكذا العمالة المصرية التي نراها تفترش الأرصفة وتقطن الأذقة في المدن العربية والأجنبية لا يعلم عنها أحد ولا يرعاها بشر ولا ينظم صفوفها مسئوول ولا يرتقي بمستوى أدائها مؤسسة .. والعمالة المصرية هنا بكل مستوياتها ونوعياتها ومؤهلاتها لا أقل من أن تلقى الرعاية التي تلقاها ثرواتنا الزراعية أو الصناعية وذلك عن طريق إنشاء شركات خاصة بتصدير العمالة بعد إعدادها وتأهيلها للتصدير تبعا لمتطلبات أسواق العمل الخارجية .. وتمحو أميتهم وتعلمهم وتدربهم وترتقي بمظهرهم وسلوكياتهم .. ثم تؤمنهم ضد أخطار الطرد أو الاستغناء .. تبحث لهم عن الأسواق المناسبة في أنحاء العالم .. توفر لهم وسائل السفر والإقامة وتتابع إنتاجهم وتوجه مدخراتهم بما يعود عليهم وعلى الدخل القومي بالخير وتأخذ قبل ذلك العائد المناسب كغيرها من شركات التصدير.. وذلك في الحدود التي تقننها الدولة وتتابع تطبيقها كما تقنن وتتابع شركات التصدير الأخرى ..

إن الثروة البشرية هي أوفر ما لدى مصر وهي الأولى بالعناية والرعاية سواء للعمل بالداخل أو للتصدير للخارج. فالدولة ممثلة في وزارة القوى العاملة لا تقوى على هذه المسئولية الكبيرة كغيرها من وزارات الانتاج الأخرى .. والنقابات محدودة الفعالية كغيرها من النقابات .. ولا سبيل إلا إنشاء شركات خاصة بتصدير الثروة البشرية كغيرها من شركات تصدير الثروة الزراعية أو الصناعية تحت الرقابة الصارمة بين الأجهزة الرقابية التي تضمن عدم التقصير أو الاستغلال. ولكم في الدول الأخرى من الأمثلة ما ينفع .

word
pdf