صورة مصر المستقبل

صورة مصر المستقبل2019-11-25T08:11:15+00:00

صورة مصر المستقبل

على صفحات مجلة المهندسين

 دكتور عبد الباقي إبراهيم 

 رئيس قسم العمارة بجامعة عين شمس 

 

أكاد المح صورة مصر المستقبل على صفحات مجلة المهندسين العدد الأول يناير 1984 .. والذي تحصلت عليه بمحض الصدفة .. وهو يعتبر طفرة جديدة في عالم الصحافة الهندسية وقفزة عالية يضارع فيها المجلات الهندسية في العالم إذ يضم مجموعة من الموضوعات الصناعية والزراعية والمعمارية والتجارية والاجتماعية.

أرى صورة مصر المستقبل في كلمة السيد الوزير اللواء المهندس سعد شعبان رئيس التحرير ومدير مكتب السيد رئيس الجمهورية .. وبهذه المناسبة فإنني أضم صوتي مع أسرة تحرير المجلة التي تهنؤه على صفحة كاملة من صفحات المجلة .. والكلمة بعنوان الحلول الذاتية والطهارة الثورية .. فقد أعجبت فيها بالنقلة الحضارية من عصامية النائب المحترم سيد جلال الذي أقام مظلات لانتظار الأتوبيسات من ماله الخاص إلى بدعة الجمعيات الاستهلاكية لضرب من المروق عن طريق الاشتراكية وكيف أصبحنا وقتها نعيش في مجتمع “إمعة” – كما يقول سيادته – أحال الناس إلى سوائم لا تفكر .. وإلى ببغاوات لا تتقن إلا الصياح .. وذلك بعد أن كان المجتمع من قبل حرا يعتمد على عنصر المنافسة والعرض والطلب .. وكيف افتقدنا الطهارة الثورية بعد ثورة 23 يوليه المجيدة بسنوات قليلة. وكيف أن اليوم وفي خلال طهارة ثورية كيف نجح محافظ القاهرة المخطط الهادئ في لم شمل أصحاب محلات شارع عدلي لتبليط أرصفة الشارع – وهكذا نرى كيف يشجع سيادته التحرك الجماعي ويقول إننا لسنا في حاجة إلى مساجد الآن آخذا بقول الرسول الكريم ” جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ” والمصلى يستطيع أن يصلي في أي مكان جاف لأن “كل جاف طاهر” وهكذا يظهر الإيمان الوضاء في كلمة السيد رئيس التحرير .. الذي أتحفنا عندما ظهر على شاشة التلفزيون في حديثه الشيق عن حديث الروح .. وكيف قارن بين أعداد الكواكب التسع التي تسبح في الفضاء والآية القرآنية “إذ قال يوسف لأبيه إني رأيت احدى عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين” ولابد من كوكبين آخرين ربما يتم الكشف عنهم .. هكذا فسر سيادته رؤيا سيدنا يوسف عن إخوته ووالديه.

هكذا أرى صورة مصر المستقبل وأقلب صفحات المجلة ..

وأرى صورة مصر المستقبل في عرض الدكتور عبد اللطيف أبو السعود لمجموعة شركات هنكل التي تملك زمام القيادة في مبيعات المنظفات الصناعية في ألمانيا والتي تتفوق على عمالقة عالميين مثل شركة بروكتر و جامبل وشركة يونيليفر.. والشركة في دوسلدرف ويعمل بها 13026 شخصا .. وتنتج أكثر من 8000 منتج وأعمالها موزعة على 44 بلدا ويعمل بها 33584 شخصا في أنحاء العالم .. وميزانيتها السنوية 400 مليون مارك .. لقد أعجبت بهذا العرض الشيق على أربع صفحات كاملة من المجلة .. تحدث فيها عن هنكل الحاضر .. وهنكل المستقبل كإعلان واضح.

هكذا أرى صورة مصر المستقبل .. وأقلب صفحات المجلة ..

وأرى صورة مصر المستقبل في مقال المهندس فوزي الجزايرلي وزميله رؤوف فرج صليب الذي استمد مراجعه من المهندس نبيل مرقص .. وهي تحت عنوان “رسالة المهندس والمعماري .. اليوم .. وغدا ” فقد أعجبت بالأسلوب الشيق للمقال والألفاظ القوية .. مثل الإجتهادات العفوية ..  والمدن التراثية .. التي أصبح يسودها العشوائية – والرموز الثقافية التي ليست لها مدلولات ومعاني في ثقافات وإدراكات المجتمع – وكيف دفع معماريو الدول النامية بين الاحتواء والتقليد – وكيف أن الصالح العام من خلال ممارسات المؤسسات السلطوية يحاول أن يحقق أهدافه – وكيف خلقت الفردية مشاكل وصراعات وممارسات شاذة – وكيف تحولت الممارسات إلى أدوات قهر ومظهرية خدمة الجماهير الأمر الذي أدى إلى هامشية الجماهير وعقمها الإبداعي – وكيف أن الصالح العام يخلق احتياجات بعيدة عن فهم الجماعة أو أساليب تناسب ذاتيته المترهلة .. وممارسات مظهرية كاذبة – أو الإشارة إلى الوافد الغربي التكنولوجي الاستهلاكي أو الرمزي .. ونحن نرفض كل هذه الرمزية الغير عضوية المتجسدة في الرمز وعبادته المتأتى من الطمومية الوثنية .. إلى غير ذلك من الألفاظ التي ترد في الأدب الاشتراكي ..

أعجبت أيضا في مقال المهندس رؤوف فرج صليب بالشجاعة الأدبية التي هاجم بها الرأسمالية في الممارسة المعمارية وأعجبت أكثر من شجاعته الأدبية في انتقاده للنقابة صاحبة المجلة .. حيث قال وقامت النقابات ذاتها بالاهتمام بقيم المنفعة وتبنت قيم الربحية وتحقيق المكاسب المادية وهي أصلا قامت لحماية المهن من هذه الممارسات اللا أخلاقية وأصبحت النقابة تقوم بأعمال استشارية هدفها زيادة القدرة المالية للنقابة مثل المشاركة في مشروعات إنشاء بنوك لها وشركات تأمين وتقوم بتمويل مشروعات يطلق عليها

 ” الأمن الغذائي” ومشروعات تمليك المساكن .. وهي اتجاهات خطيرة لم يسبق النقابات والجمعيات أن قامت بها .. كل هذا على حساب الموقف الأخلاقي للمهنة ..

ويقول صاحب المقال عن المسابقات إنها عادة ما تخلق مشاكل أكثر مما تحل بدءا من وضع الشروط وحتى تكوين لجان التحكيم وإعلان النتائج من التشكيك في الشروط وجديتها ورضوخها والتشكك في نزاهة المحكمين وقدرة لجان التحكيم على اختيار أفكار إبداعية . وكأنه يشير إلى المسابقة التي أعلنت عنها نقابة المهندسين نفسها لإسكان شباب المهندسين في منطقة رابعة العدوية والجبل الأخضر .. وانتهت بمهزلة في الشروط وعدم التحكيم وضياع حقوق شباب المعماريين .. وانتهت المهزلة بمهزلة أخرى في التصميم والتخطيط الذي ظهر على صفحات نفس العدد من المجلة تحت عنوان 1300 مهندس فازوا بالمساكن الجديدة .. في الوقت الذي لا يزال الحديث فيه في مقال المهندسين الشابين في نفس العدد عن أخلاقيات المهنة .. حيث يقول المقال إن كل ذلك لابد أن يوضع في الاطلال الأخلاقي … الخ.

وانتهى المقال بالتساؤل “هل المعماريون مستعدون لمواجهة نظرتهم وإخفاء عجزهم وضعفهم ومحدوديتهم على حل مشاكل المجتمع والبيئة بدلا من التخفي وراء المظهرية ؟؟ ” إذن فلينفصل المعماريون عن النقابة .. في تنظيم مهني مستقل .. أسوة بكل دول العالم .. النامي والمتقدم على السواء.

لقد أعجبت .. مع كل ذلك .. برئيس التحرير الذي سمح بنشر مقال شباب المعماريين والموجهة في بعض أجزائه ضد نقابة المهندسين .. صاحبة المجلة. إنه عصر جديد من حرية الصحافة.

هكذا أرى مصر المستقبل على صفحات المجلة

هل يراها غيري بصورة أخرى!!

word
pdf