مستوطنات الشباب

مستوطنات الشباب2019-11-27T13:16:51+00:00

مستوطنات الشباب

د / عبد الباقي إبراهيم

كبير خبراء الأمم المتحدة للتخطيط العمراني سابقا

الأهرام 7/4/1996

 

مع اهتمام الدولة وتوجيهات السيد الرئيس حسنى مبارك برعاية الشباب بادرت الجهات المعنية بإلاعداد لمشروع إسكان الشباب وهو المشروع الذى تسهم فيه الدولة لكل وحدة سكنية بمبلغ عشرة آلاف جنيه وذلك بتخفيض قيمتها من 45 ألف جنيه الى 35 ألف جنيه مع خفض مقدم الحجز لكل وحدة الى 3000 جنيه والباقى يسدد على مدى طويل من الزمن حتى لا يرهق الشباب بتسديد الاقساط المستحقة عليه، وقد بدأت الجهات المسئولة فعلا فى الاعلان عن هذا المشروع الكبير وبدأت فى تنفيذ بعض اجزائه.

ولكن يبقى الشباب الذى لا يستطيع تدبير مقدم الشراء وهم يمثلون الغالبية العظمى من الفئات الفقيرة كما يبقى تباعد مناطق اسكان الشباب عن مقار اعمالهم، الأمر الذى يحمل الشباب أعباء إضافية كما يحمل المواصلات أعباء أكثر مما تتحمله، الأمر الذى يتطلب دراسة موضوعية لفئات الشباب القادر والشباب غير القادر ومناطق تجمعاتهم حتى يمكن وضع الدراسة المتكاملة لإسكان الشباب، وشباب اليوم الذين حددت اعمارهم بين 25، 35 سنة سوف لا تمر عليهم عشر سنوات حتى يكونوا عائلات أكبر فى العدد الأمر الذى يحتاج إلى زيادة فى مسطحات الوحدات السكنية تماما كما حدث بالنسبة لنماذج الإسكان الاقتصادى التى انشأت فى السبعينات والثمانينات وبدأت تخرج منها نتوءات عشوائية لمواجهة المتطلبات المعيشية التى زاد عدد افرادها حتى اصبحت مناطق الإسكان الإقتصادى ضمن العشوائيات.

والتوجه الذى تقوم به الجمعية المركزية لايواء المحتاجين فى هذا المجال هو دعوة المجلس الاعلى للشباب والرياضة الراعى الأول لشباب مصر للتنسيق مع صندوق الخدمة الاجتماعية ووزارتى الإسكان والشئون الاجتماعية للبحث عن صيغة متكاملة لانشاء مستوطنات للشباب الذين لا مأوى ولاعمل لهم يساهمون فيها ببناء مساكنهم بأنفسهم لانفسهم كما يساهمون فى انشاء مبانى الخدمات والمرافق مع ورش العمل الحرفى أو الصناعى أو الإنتاجى أو الزراعى بالتعاون مع صندوق الخدمة الاجتماعية وذلك فى شكل مجتمعات عمرانية صغيرة او ما يسمى بالقرى الانتاجية تحدد مواقعها فى أفلاك المجتمعات العمرانية الجديدة الكبيرة أو داخلها اذا توفر المكان، وتقوم الجمعية المركزية لايواء المحتاجين فى هذه الحالة بتوفير نظم البناء المتوافق وتشرف على تنظيم عمل الجماعات فى عمليات البناء والتشييد وتحدد مساهمات الشباب ماديا او بعدد محدد من ساعات العمل يحتسب من مقدمات السكن، والجمعية لديها حصيلة كبيرة من التجارب العالمية المشابهة فى هذا المجال يمكن الاستفادة منها فى انشاء المستوطنات الشبابية الجديدة مع الأخذ فى الاعتبار الامتدادات السكنية والعمرانية التى تواكب الزيادات فى احجام أسر الشباب مستقبلا. وهكذا يمكن للشباب ان يكون فيما بينهم علاقات اجتماعية سليمة مع زيادة الانتماء للأرض التى يعيشون عليها يسكنون ويعملون وينتجون ويسوقون انتاجهم تعاونيا ، وهذه المهمة تهم فى المقام الأول المجلس الاعلى لرعاية الشباب بتعاونه مع الجهات الاخرى ذات العلاقة.

وقد حان الوقت لان تقدم أجهزة بحوث البناء والتشييد مواد البناء المتوافقة مع المناطق المختلفة فى الدولة وتقدم الآلات البسيطة التى يستطيع ان يتعامل معها ويتدرب عليها شباب البناء بدلا من إستعمال المواد التقليدية المعمول بها حاليا فى إنشاء المساكن، فقد سبقنا فى هذا المجال كثير من دول جنوب شرق آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية مع الفارق فى اساليب البناء ونظم الانشاء والظروف البيئية والاجتماعية والاقتصادية التى يجب أخذها فى الاعتبار فى ايجاد أساليب البناء المتوافقة التى تتناسب مع البيئات المصرية، الأمر الذى تتولاه الجمعية المركزية لايواء المحتاجين بالاضافة الى الاساليب المناسبة لتنظيم العمل ومساهمة الفئات المستهدفة ماديا وعمليا أو من ساعات العمل المستحقة على كل اسرة فى البناء للجميع دون تخصيص لاى منهم الا فى نهاية المشروع تأكيدا لمبدأ التعاون والانتماء.  وهكذا يتم بناء الإنسان مع بناء العمران فى صيغة واحدة وباسلوب متكامل وهكذا تصبح الدعوة الى انشاء مستوطنات للشباب مدخلا علميا وعمليا لرعاية الشباب غير القادر على دفع المقدمات ولا عمل له.  وهذا مدخل تطبيقى لإعمار المناطق الصحراوية بعيدا عن المناطق الزراعية، وهكذا يمكن أن يخرج الشباب من المناطق العشوائية التى ساهم فى بنائها الى المجتمعات الشبابية الجديدة تاركا فرصة لمن يبقى فيها للتنفس، الأمر الذى يخفف من الاعباء المالية للدولة، وهكذا تصبح مستوطنات الشباب مكونا اساسيا فى المشروع القومى للتكافل الاجتماعى وعاملا مهما فى تحقيق أهداف برامج التنمية الاقتصادية المكانية التى تقدمها وزارة التخطيط ومقوما اساسيا من مقومات الأمن الاجتماعى.

word
pdf