مشروع إيواء من لا مأوى لهم السياسة والتطبيق

مشروع إيواء من لا مأوى لهم السياسة والتطبيق2019-12-17T15:08:07+00:00

مشروع إيواء من لا مأوى لهم 

السياسة والتطبيق

    ورقة عمل مقدمة من الدكتور عبد الباقي إبراهيم

  1. مقدمة:

تعرضت سياسة الإسكان إلى عدد من التحولات الفكرية بدءا من توفير الإسكان العام لذوي الدخل المحدود إلى الموازنة بين الإسكان العام والخاص ثم بناء المجتمعات العمرانية الجديدة التي أصبحت ركيزة التنمية العمرانية على المستوى القومي وتمثل البعد المكاني في برامج التنمية الاقتصادية الاجتماعية. وإذا كانت الدولة قد بذلت جهدا خارقا في إنشاء الإسكان لذوي الدخل المحدود خاصة في المناطق الجديدة, إلا إن الأمر أصبح ملحا للبحث عن اسلوب أخر لإيواء من لا مأوى لهم ممن لا تتوفر لهم المدخرات التي تمكنهم من اقتناء الوحدات السكنية التي تقيمها الدولة. ويعتمد الأسلوب المقترح لإيواء من لا مأوى لهم على توظيف المشاركة الشعبية في عمليات البناء سواء بإنتاج المواد المناسبة في المواقع المختارة أو في أعمال التشطيب والتركيبات وذلك بعد أن نالت المشاركة الشعبية في الإسكان حظا وفيرا من البحث والدراسات من قبل المنظمات الدولية التي تعمل في هذا المجال.

  1. المشاركة الشعبية في إيواء من لا مأوى لهم:

يمكن تقسيم الفئات المستفيدة من المشروع إلى قطاعين, الأول من الموظفين العاملين في القطاعين العام والخاص والتي ترتبط أعمالهم بمواقع عمل محددة. والثاني من الحرفيين والعمال الذين لا ترتبط أعمالهم بمواقع عمل محددة. ويمكن العمل على تجميع هذه الفئات في مجموعات تكون فيما بينها تجمعات بشرية تتوفر فيها أنوية إسكان المأوى مع بعض الخدمات والمرافق العامة وأماكن للعمل. وإذا كانت تكاليف العمالة تمثل حوالي 35% من إجمالي تكلفة الإنشاء في الإسكان وأن المواد تمثل حوالي 50% منها 15% للحديد والأسمنت, فإن المعدات والخدمات والطاقة تمثل حوالي 15% ويعني ذلك أن توفير ما قيمته حوالي 75% من تكاليف المسكن يمكن أن يمثل أساسا اقتصاديا لتوفير الوحدات السكنية مع استثمار الطاقات المتوفرة في هذه الفئات للمساهمة في إنتاج مواد البناء وأعمال التشييد وذلك في إطار نظام الإدارة والتدريب الذي تتضمنه برامج المنظمة الدولية للاستيطان البشري بهذا الشأن وما قد يطرأ عليها من تعديلات.

  1. التهيئة القانونية للمشروع:

يعتمد نظام المشاركة الشعبية في إسكان من لا مأوى لهم على حرية التعامل واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب خاصة عند التعامل مع الفئات المستهدفة من المجتمع الأمر الذي يتطلب صيغة إدارية وتنظيمية لا يحدها الروتين الذي يتعامل به القطاع العام. وهنا يمكن تقديم بديلين في هذا الشأن, الأول في إنشاء جمعيات خيرية لإيواء من لا مأوى لهم تعتمد في التمويل على المعونات والهبات التي تصلها من مختلف المصادر الداخلية والخارجية بحيث تتكون مجالس إدارتها من الممثلين لوزارة التعمير والأجهزة المحلية والشعبية وبنك ناصر. والبديل الثاني يتمثل في إنشاء هيئة عامة لديها الصلاحيات المالية والإدارية التي تتناسب مع طبيعة نظام المشاركة الشعبية التي تحتاج إلى تجميع الفئات المستهدفة واختيار المواقع المناسبة لإسكانهم ثم تنظيمهم في مجموعات عمل للإنتاج أو البناء مع إنشاء مراكز للبناء بالجهود الذاتية في المواقع المختلفة تدار بالأسلوب التعاوني تكون قادرة على توفير مستلزمات البناء لمن يطلبها.

  1. اسلوب العمل في المشروع:

يتم العمل في هذا المشروع في ثلاثة اتجاهات متوازية, الأول في تحديد الفئات المستهدفة ومواقع تجمعها في المدن القائمة مع توفير الأساليب الإعلامية والإرشادية التي تشرح أبعاد المشروع وأهدافه ودورة الإدارة والفئات المستهدفة في تحقيقه. والاتجاه الثاني في اختيار المواقع المناسبة للمشروعات الإرشادية بحيث تكون مصدرا لوقف الامتدادات العشوائية الجارية وامتدادا لها في نفس الوقت, أما الاتجاه الثالث فيكمن في إنشاء مراكز للبناء بالجهود الذاتية تتوفر فيها مواد البناء والتجهيزات اللازمة لمد حركة البناء بالجهود الذاتية والمشاركة الشعبية بالمواد والمعدات اللازمة للإنتاج. وتوفير المساعدات الفنية والمعونات الإرشادية التي تتضمنها دلائل الأعمال التي يتم إعدادها لهذا الغرض.

  1. آليات التنمية العمرانية في المشروع:

يتم استنباط آليات التنمية العمرانية التي يمكن أن توجه أعمال التخطيط والتصميم والبناء في المواقع المختارة للمشروعات الإرشادية من التجربة الواقعية التي مرت بها المناطق العشوائية القائمة إيواء بالنسبة للأسلوب الذي اتبع في تقسيم الأراضي أو في أعمال البناء أو في توفير المياه والكهرباء أو الصرف الصحي وذلك في ضوء المرحليات التي مرت بها هذه العمليات وتناسبها مع حجم المدخرات المتوفرة لدى الفئات المستهدفة والقدرة العملية على القيام بالمشاركة في أعمال البناء والتشييد تبعا للرغبات والاحتياجات المعيشية لكل أسرة. ويمكن قياس هذه المعايير والمعطيات من خلال دراسة وتتبع طبيعة الحركة العمرانية التي مرت بها مناطق الإسكان العشوائي في مراحل نموها المختلفة وطبيعة المشاركة الشعبية في التنمية العمرانية خلال هذه المراحل.

.6 المعونة الفنية والمشروع:
تتمثل المعونات الفنية للمشروع فيما تقدمه أجهزة البحوث والدراسات المحلية والأجنبية من فكر وتجارب تساعد على دفع المشروع في طريقه الصحيح والاستفادة من التجارب السابقة في الدول النامية ومنها تجربة المرحوم حسن فتحي في عمارة الفقراء. تقدم المعونة الفنية في صورة معدات لإنتاج مواد البناء من البيئة المحلية أو في صورة دورات تدريبية للمتدربين أو للمواطنين من الفئات المستهدفة أو في صورة دلائل أعمال تساعد على تحسين الأداء, أو في صورة أفلام إرشادية تعرض بكل وسائل الإعلام المرئية أو في صورة معونات إدارية وتنظيمية للأجهزة القائمة على المشروع وكذلك في توفير المتطوعين من طلاب كليات الهندسة في عطلاتهم الصيفية بحيث تكون مادة المشاركة الشعبية في الإسكان هي من المواد الأساسية في المناهج الدراسية للسنوات الدراسية المختلفة حتى يمكن توجيه الشباب للممارسة العملية ومساعدة الفئات المستهدفة بحيث تحتسب أعمالهم في التقديرات العلمية.

  1. الخطوات التحضيرية للمشروع:

يعتبر هذا التقرير بمثابة ورقة عمل تعرض على مجموعة عمل تحددها وزارة التعمير من  المسئولين في أجهزتها المختلفة وكذلك من المختصين في مركز البحوث الاجتماعية والجنائية ووزارة الشئون الاجتماعية ولجان الإسكان بالمجالس التشريعية والقوات المسلحة وغيرهم بحيث تنتهي المناقشات لوضع خطة عمل محددة البرامج وتوزيع الاختصاصات على الأجهزة المختلفة التي سوف تؤدي دورها في الإعداد لهذا المشروع القومي بحيث تنتهي من أعمالها في فترة لا تزيد عن ثلاثة أشهر تتحدد بعدها الصيغة القانونية والإدارية والمالية للمشروع والقرارات الوزارية واللوائح التنفيذية لها, تبدأ بعدها التنظيمات الإدارية والحملات الإعلامية لبداية الأعمال التنفيذية في المشروعات الإرشادية أولا بحيث يتم تقويمها لتحديد اسلوب العمل في باقي المناطق المختارة بعد ذلك.
والله ولي التوفيق

word
pdf