موقف المعماري العربي من النشاط العالمي

موقف المعماري العربي من النشاط العالمي2019-11-07T14:31:01+00:00

فكـــــــرة

موقف المعماري العربي من النشاط العالمي

 

المتتبع للأنشطة المعمارية والتخطيطية التي تنظم على مستوى العالم سواء في ما يعقد من مؤتمرات أو ما ينظم من معارض ومحاضرات أو ما ينشر من كتب ومجلات يلاحظ أن المعماري العربي غائب أو متغيب عن كل هذه الأنشطة التي تتم في دول غير عربية هذا في الوقت الذي يندر أن يكون هناك نشاط مماثل يتم في أي مكان في العالم العربي.. كما يلاحظ أن المنظمات المعمارية في العالم على إتصال دائم فيما بينها وتنشر برامج نشاطاتها المختلفة في الدورية الشهرية التي تصدر عن الإتحاد الدولي للمعماريين . مع أن هناك ممثلين للمعماريين العرب في هذا الإتحاد ولكن بلا آليات عربية تتفاعل مع هذه الأنشطة ويبقى المعماري العربي منعزلا عن مجرياتها ومن الواضح أن كل منطقة من مناطق الإتحاد الدولي للمعماريين لها نشراتها الدورية التي توزع على المشتركين فيها ولا نجد لهذه النشرة مكانا في المنطقة العربية أو الأفريقية. فالإقليم الخامس الذي يضم الدول الأفريقية ومنها بعض الدول العربية لا يصدر عنه أي نشرات ولا يعرف مقره وإن كان له ممثلا في القاهرة بينما الإقليم الرابع الذي يضم الدول الأسيوية ومنها البعض الأخر من الدول العربية لا يعرف مقره.. وهكذا تنقسم الدول العربية بين إقليمية، الأمر الذي يضعف فعاليتها كإقليم عربي متجانس. وبالتالي يقف المعماري العربي ممزقا بين إقليمين لا يعرف عنهما شيء.. وإذا كانت منظمة المدن العربية هي الجهة الوحيدة التي تعلن عن جوائز للإبداع المعماري في العالم العربي إلا أن دورها لا يزال مرتبطا بأعضائها في البلديات والمحليات العربية وليس المنظمات المعمارية المتناثرة ولا تجد من يوحد أهدافها ونشاطها بالرغم من الدعوات المتكررة على صفحات هذه المجلة الأمر الذي ينم على خمول الحركة المعمارية العربية وعدم وجود القيادات المهنية التي تتصدى للعمل المعماري العربي وتجمع شمل المنظمات المعمارية العربية. الأمر الذي يبقى على تخلف المعماري العربي عن ركب التطور العالمي ولا يساهم فيه شىء . وإذا كانت الدول المتقدمة ترعى أعلام العمارة في بلادها وتحفظ أعمالهم وتحتفي بآثارهم الفكرية فيما تنظمه من ندوات أو مؤتمرات إلا أن الدول العربية لا تحذوا هذا النهج.. بل تركت الآثار العلمية والفلسفية والحضارية للراحل حسن فتحي في ذمة التاريخ، فقد أصبح في طي النسيان منذ وفاته عام 1989 وكان يمكن أن ينظم له مؤتمرا دوليا كل عامين يجمع اليه المنظرين لفكر حسن فتحي من كل أنحاء العالم لخدمة الفقراء في عمارتهم وهم يحتلون الغالبية العظمى لسكان الدول العربية .. صحيح أن مركز الدراسات التخطيطية والمعمارية كما نظم المؤتمرات الثلاثة الأولى لإتحاد المعماريين المصريين.. وتبعهم بتنظيم المؤتمر الدولي الأول عام 1993 عن عمارة الفقراء تحت اسم حسن فتحي كما أعلن عن جائزة دولية بإسم حسن فتحي تمنح للمؤسسات أو الأفراد الذين يخدمون الفقراء فيما يقومون به من أبحاث ومشروعات عمرانية .. وفتحت حينئذ الى مركز للبناء بالجهود الذاتية في الهند.. ومن العجيب أن المشاركين بأبحاثهم في هذا المؤتمر كان غالبيتهم من خارج الوطن العربي من أمريكا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإنجلترا وقليل جدا من الدول العربية ومن العجيب أيضا أن تتراضى لجنة العمارة بالمجلس الأعلى للثقافة في مصر عن تنظيم مثل هذا المؤتمر والجائزة دوليا.. مع أن العالم كله قد احتفى بحسن فتحي ولا يزال يحتفي بآثاره العلمية والفلسفية . وهذا دليل آخر على خمول الحركة المعمارية في العالم العربي .. وفي عالم النشر المعماري في العالم العربي تلاحظ صدور بعض المجلات بمسميات معمارية اتخذتها ستارا للاعلام والإعلان أكثر منها مجالات تخدم العمارة العربية علميا وفنيا وتقنيا وتؤكد أصالتها الفكرية

والحضارية كما هو الحال في كل المجلات المعمارية التي تصدر في العالم .. وعالم البناء من إحداها .. وإن كان يصدرها مكتب إستشاري باعتبارها رسالة ثقافية يهتم بها.
وتتطور المجلات المعمارية في العالم ولازلنا في عالمنا العربي نحبو في هذا المجال.
وقريبا تصدر مجلة جديدة في عالم البناء تحت عنوان معلومات بحوث البناء تحتضن الجديد في بحوث التشييد والبناء في العالم وقد تطورت تقنيا وفنيا حتى اتسعت الفجوة بين ما يقدمه العالم المتقدم وما يقدمه العالم

العربي في مجال المعماري وسوف تتسع وتتسع هذه الفجوة الى أن تنقطع الصلة بينهما.
هذا في الوقت الذي سوف يعقد فيه بألمانيا مؤتمرها العالمي في يولية عام 2000 تحت شعار العمران في القرن الواحد والعشرين.. تساهم فيه كل من البرازيل وألمانيا وسنغافورة وجنوب أفريقيا .. وماذا بعد ..
دول متفرقة تجتمع على هدف واحد بينما المعماريون في الدول العربية التي تدعى الوحدة لا يجتمعون على أي هدف .. ويبقى المعماري العربي غائبا أو مغيبا عما يتم في العالم من أنشطة معمارية وعمرانية. ولم تنس الجهة المنظمة لهذا المؤتمر الدولي أن تضم اليها المعماري المصري الدكتور اسماعيل سراج الدين نائب رئيس البنك الدولي في واشنطن..فهل يكون هذا وازعا للمعماري العربي في العالم العربي أن يعي أهمية مستقبله العلمي والمهني ويقوم من مرقده لينهض ويساير النشاط العالمي من حوله .. هذا أمل يحتاج الى القدرة والقدوة ….

word
pdf