والتحرير أيضا فى الاتعاب الاستشاريةد / عبد الباقي إبراهيمكبير خبراء الأمم المتحدة للتخطيط العمراني سابقا
الأهرام الاقتصادى تعرضت الاتعاب الاستشارية فى مصر للعديد من الاجتهادات والمحاولات فى التحليل والتقدير وذلك بسبب تقويم طبيعة المشروعات وتعدد جوانبها البينية والهندسية والاقتصادية والاجتماعية وتكاملها فلم تعد المشروعات تتم فى اطار محدد الابعاد يمكن حساب المجهود الذى يبذل فى دراسته بسهولة ويسر. خاصة مشروعات البناء والتشييد والتى وضعت لها نقابة المهندسين لائحة خاصة صدرت عام 1975 ولم تتغير ولم تتبدل منذ اصدارها حتى أصبحت غير ذات جدوى بعد أن فقدت واقعيتها فى التطبيق والممارسة واستمر التعامل مع الاتعاب الاستشارية بالاسلوب الاجتهادى أو من خلال المسابقات أو المناقصات وغيرها من الوسائل التى لا تستند على نظام محكم وعادل لتقدير الاتعاب الاستشارية للمشروعات المختلفة حتى اضطرت الدولة الى اصدار قانون الممارسات رقم 9 لعام 1982 الذى ساوى بين شراء المعدات والادوات وتقديم الاستشارات كما ساوى بين الانتاج الفكرى والانتاج العينى والانتاج الفنى والانتاج الحرفى واستمر الحال كما هو بالرغم من الاعتراضات التى صدرت من المنظمات المهنية بهذا الشأن خاصة بالنسبة للاعمال التى تسند الى المكاتب الاستشارية بكل تخصصاتها المحددة أو المتكاملة هذا فى الوقت الذى ظهر فيه العديد من جوانب النقص فى تنظيم المهنة فى الاعمال الاستشارية اذ لا توجد معايير أو محددات لتصنيف المكاتب الاستشارية سواء بالنسبة لاعداد العاملين فيها أو بالمسطحات المشغولة بهم أو التجهيزات المعاونة لهم أو بالنسبة لنوعيات الاعمال وأحجام المشروعات التى تولتها أو بالنسبة لاعتراف المنظمات الدولية بها وهذه جميعها عناصر هامة فى تقييم المكاتب الاستشارية والنشر عنها فى السوق الاستشارية العربية والافريقية الامر الذى يفقد الانتاج المصرى أحد أهم روافده الانتاجية. هذا مع الاخذ فى الاعتبار ضرورة زيادة الكفاءة الانتاجية فى الاعمال الاستشارية حتى تكون منافسة فى الاسواق الاجنبية فقد أصبحت الاعمال الاستشارية من أهم عناصر التصدير الى الخارج الامر الذى فاقتنا فيه أسواق دول جنوب شرق آسيا وهى المتصلة مباشرة بأحدث المنجزات التقنية والانتاجية سواء فى اليابان أو فى سنغافورة وتليها الفلبين واندونيسيا وماليزيا من ناحية والهند وباكستان المتصلتان بالسوق البريطانية من ناحية أخرى ويظهر ضعف الانتاج الاستشارى فى مصر واضحا فى تنظيماته الادارية والالمام باللغات والقصور فى ادارة النظم والانتاج الاستشارى المتطور فى العالم وهذا ما يلقى بأعبائه الكثيرة على المنظمات المهنية والعلمية المحلية وبالاخص نقابة المهندسين التى يغلب نشاطها على توفير الخدمات والمعاشات أكثر منها الارتقاء بمستوى الانتاج والاداء فى الاعمال الاستشارية هذا بالاضافة الى القصور الشديد فى مناهج التعليم الهندسى الذى يفتقر الى الابتكار والتعامل مع أحدث منجزات العصر من علوم وفنون ومن طرق ووسائل الاداء التى تصدر عنها العديد من الكتب الارشادية والمهنية والحرفية. الامر الذى يساعد على دفع العملية التعليمية التى تغذى الاعمال الاستشارية ففى مصر نجد الفصل بين مناهج التعليم الهندسى خاصة فى مجال التشييد والبناء وبين متطلبات السوق الاستشارية المحلية أو العربية والافريقية. وهذه مهمة أخرى تلقى على عاتق النقابات المهنية حتى تسعى الى ربط المناهج العلمية فى الجامعات بعد تطويرها باحتياجات التنمية المحلية من ناحية والسوق الخارجية من ناحية أخرى حيث أن الكليات العملية والهندسية منها بصفة خاصة لاتزال تعنى بالجانب النظرى أكثر من الجانب العملى أو التطبيقى أو الجانب المهنى بوصف أدق ويتضح ذلك فى العديد من البحوث والدراسات التى تجرى فى المجالات الهندسية والمعمارية الامر الذى أدى الى هبوط المستوى العلمى والتطبيقى للخريجين ومن ثم هبطت أسعارهم فى سوق العمالة العربية ولا وجود لهم فى سوق العمالة الافريقية وهذا ما يفقد مصر مصدرا هاما من مصادر التنمية الاقتصادية بسبب تدنى مستوى التنمية البشرية المتوافرة بكثرة لا تحسد عليها. لقد تركت المكاتب الاستشارية الاجنبية التى عملت فى مصر فى نهاية السبعينات وبداية الثمانينات بصماتها على نظام التعاقدات الاستشارية وعرف مفهوم نطاق العمل والشروط المرجعية كما عرف مفهوم تحديد الاتعاب من خلال تكاليف الرجل / شهر والتجهيزات والمصروفات الادارية المحلية فى حساب الاتعاب الاستشارية وان كانت الادارات الحكومية لم تطور من نفسها فى هذا المجال واعتمدت فى العديد من الحالات على ما تركته لهم المكاتب الاجنبية من مفردات وتعبيرات تطبقها فى جميع الحالات بالرغم من اختلاف طبيعة العمل فى كل مشروع ومع هذه المتغيرات فى أسلوب تقدير الاتعاب فى المشروعات الكبرى قل الاعتماد على أسلوب النسب المئوية التى حددتها نقابة المهندسين الا فى الحالات المحددة مثل تصميم المبانى وهنا خضعت هذه النسب لنظام الممارسات حسب القانون 9 لعام 1982 الامر الذى ادى الى هبوطها هبوطا شديدا وهبط معها مستوى الانتاج الاستشارى حتى وصل فى بعض الحالات الى الحضيض الامر الذى انعكس بدوره على مستوى الانشاءات سواء للقطاع العام أو الخاص وأدى بذلك الى زيادة نسبة الفاقد فى التكلفة الكلية فى قطاع التشييد والبناء ويرجع ذلك الى عدم احكام الصيغة التعاقدية للاعمال الاستشارية والتى توضح فيها بالتفصيل الانتاج الفكرى والتصميمى ثم الانتاج التنفيذى لكل العناصر والخبرات مع تحديد مستوى الاداء والتقويم فى كلا الحالتين وكما يعامل المقاول على أساس الكميات والمواصفات فان الانتاج الفكرى والتنفيذى للاعمال الاستشارية لابد وأن توضح كمياتها ومواصفاتها وتوقيتاتها حتى يمكن تحديد الاتعاب اللازمة لانجازها وهذا يدخل فى اطار العقد النموذجى الذى تعده النقابة المعنية وخاصة نقابة المهندسين حفاظا على حقوق كل من المكتب الاستشارى وصاحب العمل أولا ثم الارتقاء بمستوى الاداء الاستشارى ثانيا ومع استيفاء الاتعاب الاستشارية المناسبة سوف تتنافس المكاتب الاستشارية على الارتقاء بمستوى أدائها مع التعرف على كل جديد فى السوق الاستشارية فى العالم سواء بارسال مندوبيها للخارج للتمرين أو باقتناء أحدث الاجهزة التى تساعد على كفاءة الاداء وكفاءة الاداء من ناحية أخرى سوف تساعد على الارتقاء بمستوى الانتاج العملى للعمالة الاستشارية ويصبح البحث هنا أمام الخريجين الجدد ليس للحصول على الماجستير أو الدكتوراه حيث لا تكتسب أى خبرة عملية ولكن للتمرس على الخبرة العملية فى المكاتب الاجنبية بالخارج وهذا أيضا مسئولية النقابات المهنية لمراجعة ملفاتها سواء بالنسبة للمناهج العلمية أو التدريبية أو النظم التعاقدية أو اكتساب الخبرات الاجنبية فى اطارالسوق الاستشارية العالمية. وفى كثير من الاحيان يلجأ الاستشارى الى حساب الاتعاب الاستشارية مرة بحساب تكاليف الانتاج الموصف بكل دقة وذلك باستعمال أسلوب الرجل / شهر والتجهيزات والطباعة وغيرها من المصروفات الادارية والنثرية والارباح ومرة أخرى الحساب بأسلوب النسبة المئوية سواء بالنسبة لتكاليف الوحدات الاساسية أو المتكررة مضافا اليها نسبة أخرى تغطى الاتعاب الخاصة باعداد الدراسات الاستطلاعية أو الاقتصادية أو الاجتماعية بالاسلوب السابق والتى يصعب احتسابها على أساس النسب المئوية وبذلك يمكن المقارنة بين قيمة الاتعاب فى الحالتين ثم التقريب بينهما أو أخذ أحدهما أساسا لتقديم العطاء أو أساسا للتعاقد حيث تسهل المحاسبة على أساس النسب المئوية من قيمة العطاءات وهنا يمكن فصل أتعاب الدراسات عن أتعاب التصميمات وفى كل الحالات لابد من التوصيف المفصل للمحتوى العلمى والفنى للانتاج الاستشارى تبعا للاصول العلمية والمهنية دون أى تراخ من طرفى التعاقد وهذا مادعا العديد من المنظمات المهنية فى العالم من وضع صيغة العقد الاستشارى المعتمد منها والذى لا يمكن الاعتداد بغيره قانونا الا اذا تم اعتماده من المنظمة المهنية المسئولة وذلك فى الحالات الخاصة أو الاستثنائية وينظم أسلوب التعاقد الاستشارى الدولى المعروف باسم الفيديك هذا الموضوع بكل وضوح وموضوعية حفاظا على حقوق كل من الاستشارى صاحب العمل والمقاول وهو النظام الذى تعتمده وتقره هيئات التحكيم الدولية خاصة فى العقود الدولية واذا أمكن تطبيق هذا النظام فى مصر فان ذلك يؤهل المكاتب الاستشارية منها للخروج الى السوق الاستشارية الخارجية والتنافس مع غيرها من المكاتب الاستشارية العالمية. |
والتحرير أيضا فى الاتعاب الاستشاريةcpas2019-12-11T14:40:14+00:00